اللام في (لِيَكُونَ) لام كي ، أي : لكي يكون لهم ، إلا أنه أخبر بعاقبة الأمر (١) ، ولهذا يسميها بعض النحويين (لام العاقبة) (٢) ، ويسميها قوم (لام الصيرورة) (٣) ، أي : فصار لهم عدوا ، ومثل هذه اللام قولهم : تلد للموت ، ويبني للخراب ، أي : هذا عاقبة ما تلد وما يبني ، وهذه اللام (لام الجر) دخلت على الفعل فأضمر بعدها (٤) (أن) ليكون (أن مع الفعل) بتأويل المصدر ، والمصدر اسم ، وتكون اللام داخله على اسم ؛ لأنّها من عوامل الأسماء (٥) ، ويجوز إظهار (أن) مع هذه اللام ، تقول : جئتك لأن تكرمني وما أشبه ذلك (٦).
قال ابن إسحاق : التقطوه ليكون لهم ولدا فكان عاقبة أمره أن كان لهم عدوا وحزنا (٧).
قال قتادة في قوله : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [القصص : ٩] أن المعنى فيه : أنهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه (٨).
قوله تعالى : (قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) [القصص : ٣٣]
جاء في التفسير أن موسى عليهالسلام أخذ بلحية فرعون وهو صغير ، فقال فرعون لامرأته : هذا الذي نخافه أن يذهب بملكنا ، ألا تري ما فعل؟ فقالت : إنه صغير لا يعقل ما يفعل ، ولكن ألق بين يديه ذهبا وجمرة من النار ، فإن أخذ الذهب كان كما قلت ، وإن أخذ الجمرة علمت أنه يفعل ما يفعله بغير عقل ، ففعل فرعون ذلك ، فأراد موسى أن يأخذ الذهب فصرفه عنه جبريل عليهالسلام ، فأخذ الجمرة فأحرقت يده فجعلها في فيه فلذلك صار لا يفصح (٩) ، وهو معنى قوله تعالى : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) [طه : ٢٧] ؛ لأنّ تلك العقدة حدثت من الجمرة.
__________________
(١) ينظر تعليقة الفارسي على كتاب سيبويه : ٢ / ٢٤٠.
(٢) سمّاها لام العاقبة : الزجاجي في اللامات : ١١٩ ، والرماني في معاني الحروف : ٥٦ ، وابن فارس في الصاحبي : ١٥٢.
(٣) نسب هذا القول الزجاجي في اللامات : ١١٩ إلى الكوفيين ، وينظر معالم التنزيل : ٦ / ١٩٣.
(٤) ينظر سر صناعة الإعراب : ١ / ٣٣٢.
(٥) ينظر معاني القرآن للأخفش : ١ / ١١٩ ـ ١٢٠.
(٦) ينظر الكتاب : ١ / ٤٠٧.
(٧) معالم التنزيل : ٦ / ١٩٣.
(٨) جامع البيان : ٢٠ / ٤٣ ، وزاد المسير : ٦ / ٨٩.
(٩) ينظر تفسير مجاهد : ١ / ٣٩٦ ، والجامع لأحكام القرآن : ١١ / ١٩٨ ، والجواهر الحسان : ٤ / ٥٥.