قال الزجاج (١) : أنفذت إليه لبنة من الذهب مع امرأة في حريرة ، فأمر سليمان أن يطرح لبن من ذهب ولبن من فضة تحت أرجل الدواب ، ليريها هوان ما بعثت به.
قال الفراء (٢) : ذكروا أن رسولها مع الهدية كانت امرأة واحدة.
قال علي بن عيسى : قيل أرسلت إليه بوصائف وغلمان على زي واحد ، وقالت : إن ميّز بينهما وردّ الهدية ، وأبى إلّا المتابعة على دينه فهو نبي ، وإن قبل الهدية فإنّما هو من الملوك ، وعندنا ما نرضيه به ، وهو قول ابن عباس (٣).
قال الفراء (٤) : (فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ) [النمل : ٣٦] إنّما يريد : فلمّا جاء الرسول سليمان ، قال : وهي في قراءة عبد الله «فلمّا جاءوا سليمن» على الجمع ، ولم يقل جاؤوا ، وصلح (جاء) لأنّ المرسل كان واحدا يدل على ذلك قول سليمان : (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) [النمل : ٣٧] ، فعلى هذا القول يكون الضمير في (جاء) عائدا إلى الرسول.
قال غير الفراء (٥) : الضمير يعود على المال ، أي : فلما جاء المال سليمان ؛ لأنّ قوله : (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) [النمل : ٣٦] يدلّ على ذلك.
وقيل : يعود على المرسل ؛ لأنّ قولها : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ) [النمل : ٣٥] يدل عليه.
وقيل : يعود على المهدى ؛ لأنّ المهدى والهدية سواء.
وقيل في قوله : (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) [النمل : ٣٥] ، إنه جمع في موضع الواحد ، وقد تقدم شرح هذا فيما مضى من الكتاب.
قوله تعالى : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) [النمل : ٨٢].
قال ابن عمر : إذا لم يأمر الناس بمعروف ولم ينهوا عن منكر خرجت الدابة.
وجاء في خبر مرفوع أنها تخرج من شعب بني مخزوم (٦).
__________________
(١) معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٩١.
(٢) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٩٣.
(٣) ينظر التبيان في تفسير القرآن : ٨ / ٩٣ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٥ / ١٣١ ، وبحر العلوم : ٢ / ٤٩٥.
(٤) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٩٣.
(٥) هذا قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٩١.
(٦) ينظر زاد المسير : ٦ / ٨٠.