وقوله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) [الشعراء : ٢٢٧] يعني به : حسان بن ثابت (١) ، وقيل يعني به : شعراء النبي عليهالسلام كلهم (٢) ، وقيل يعني به : شعراء المسلمين (٣).
وعلى القول الأول جمهور العلماء.
وارتفع قوله : (وَالشُّعَراءُ) بالابتداء ، و (يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) الخبر ، ويجوز النصب (٤) على إضمار فعل ، كأنّه في التقدير : ويتبع الغاوون الشعراء يتبعهم الغاوون ، ثم يحذف الأول لدلاله الثاني عليه ، ومثله قولك : زيد ضربته ، وزيدا ضربته ، إلّا أنّ الرفع أجود ، ومن هنا لك أجمع عليه القراء المشهورون.
وانتصب قوله : (أَيَّ مُنْقَلَبٍ) [الشعراء : ٢٢٧] ؛ لأنّه نعت مصدر محذوف تقديره : وسيعلم الذين ظلموا منقلبا أي منقلب ينقلبون (٥).
والعامل في (أيّ) (ينقلبون) ، ولا يجوز أن يعمل فيها (سيعلم) ؛ لأنّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، وإنّما يعمل فيه ما بعده (٦) ، والعلة في ذلك : أن الاستخبار قبل الخبر ، ورتبة الاستخبار التقديم ، فلم يجز أن يعمل فيه الخبر ؛ لأنّ الخبر بعده ، وذلك أنه موضوع على أنّه جواب مستخبر (٧).
ومن سورة النّمل
قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) [النمل : ٦ ـ ٧].
الإيناس : الأبصار (٨) ، والقبس : قطعة من النار (٩) ، قال الشاعر :
__________________
(١) نسب هذا الرأي النحاس في معاني القرآن : ٥ / ١٠٩ إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(٢) ينظر بحر العلوم : ٢ / ٤٨٧ ، ومعالم التنزيل : ٦ / ١٣٧.
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨٥ ، وجامع البيان : ١٩ / ١٥٨.
(٤) قال بهذا النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٥٠٥.
(٥) قال بهذا مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٥٣٠.
(٦) هذا قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٨١.
(٧) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٥٠٦ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٥٣٠.
(٨) ينظر الصحاح : ٣ / ٩٠٤ (أنس) ، ومجاز القرآن : ٢ / ٩٢.
(٩) الصحاح : ٣ / ٩٦٠ (قبس) ، والنكت والعيون : ٤ / ١٩٤.