ووجه الجزم أنّه بدلّ من (يَلْقَ)(١) ، ومثله قول الشاعر :
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا |
|
تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (٢) |
فأبدل (تلمم) من (تأتنا) ، وبدل الفعل من الفعل لا يكاد يوجد إلّا في الشرط والجزاء.
قوله تعالى : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) [الفرقان : ٧٤].
يسأل عن توحيد (إمام) هاهنا ، وهو يرجع إلى جماعة؟
وفيه خلاف :
قال بعضهم (٣) : وحّد لأنّه مصدر من : أم فلان فلانا إماما ، كما تقول : [٦٧ / ظ] قام قياما وصام صياما ، ومن جمعه فقال (أئمة) فلأنّه قد كثر في معنى الصفة.
وقيل (٤) : جاء على الجواب ، كقول القائل : من أميركم؟ فيقول المجيب : هؤلاء أميرنا ، قال الشاعر :
يا عاذلاتي لا تردن ملامتي |
|
إنّ العواذل ليس لي بأمير (٥) |
وقيل المعنى : واجعل كلّ واحد منا إماما ، فأجمل والمعنى معنى التفصيل.
ومن سورة الشّعراء
قوله تعالى : (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الشعراء : ١٦].
يسأل عن قوله تعالى : (رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) لم أفرد وهما اثنان؟
__________________
(١) ينظر الكتاب : ١ / ٤٤٦ ، ومعاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٧٣ ، والمقتضب : ٢ / ٦٢ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٦٠ ، والأصول : ٢ / ١٨٩ ، ومعاني القراءات : ٢ / ٢١٩ ، وشرح عيون الإعراب : ٢٤٣.
(٢) البيت من شواهد الطبري في جامع البيان : ٢٥ / ٩٢ ، والنحاس في معاني القرآن : ٥ / ٥١ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٦ / ٢٥ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ١ / ٣٨٤ بلا عزو. والبيت له رواية أخرى : (يجد أثر أو عسا ونارا تأججا). اللسان : ٥ / ٢٤٢ (نور) ، وتاج العروس : ٣ / ٥٨٨.
(٣) هذا قول الطبري في جامع البيان : ١٩ / ٦٨.
(٤) هذا قول الأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٤٢٣ ، وينظر معالم التنزيل : ٦ / ٩٩.
(٥) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٤٥ ، والأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٤٢٣ ، وابن جني في الخصائص : ٣ / ١٧٤ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ١٢ / ١١ بلا عزو.