كذا وكذا ، فأضاف النور إلى نفسه ، كما يقال بيت الله ، وناقة الله للتعظيم لهما.
والثاني : أن يكون نور المصباح أعظم نور يعرفه الناس ، فضرب الله تعالى المثل به ، وشبّه نوره بأعظم نور يعرفه الناس ؛ لأنّه تعالى خاطب العرب على قدر ما يفهمون.
وقال الحسن المعنى : مثل نور القرآن في القلب كمشكاة.
ويروى عن ابن عباس أيضا : أن النور هاهنا (الطّاعة) أي : مثل طاعة الله في قلب المؤمن.
وقيل : يعود الضمير على النبي صلىاللهعليهوسلم ، أي : مثل نور النبي في المؤمنين.
واختلف في قوله : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) [النور : ٣٥] :
فقال ابن عباس : لا شرقية تشرق عليها الشمس فقط ، ولا غربية تغرب عنها الشمس فقط ، بل هي شرقية غربية ؛ لأنّها أخذت بحظها من الأمرين (١). وروي عنه أيضا أنه قال :
هي وسط الشجر (٢).
وروي عن قتادة : أنها ضاحية للشمس (٣).
وقال الحسن : ليس من شجر الدنيا ، فتكون شرقية أو غربية (٤).
وقوله تعالى : (نُورٌ عَلى نُورٍ) [النور : ٣٥] ، أي : نور هدى التّوحيد على نور الهدى بالقرآن ، وقيل : نور على نور يضيء بعضه بعضا ، وهو قول زيد بن أسلم (٥).
قرأ نافع وابن عامر وابن كثير وعاصم من طريق حفص (دُرِّيٌ) بضم الدال ، نسبوه إلى (الدرّ) في صفائه وبياضه ، وقرأ أبو عمرو والكسائي دريء بكسر الدال والهمز (٦) ، [٦٦ / و] أخذه من (الدّرء) وهو الدفع ، كأنه يدفع الظاهر بنوره ، وقرأ حمزة وعاصم من طريق أبي بكر دريء بضم الدّال والهمزة ، وفي هذه القراءة نظر ؛ لأنّ (فعّيل) في الكلام لم يأت منه سوى (مرّيق) وهو بناء شاذ (٧).
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ١٨ / ١٥٠ ، ومعالم التنزيل : ٦ / ٤٧.
(٢) ينظر الجامع لأحكام القرآن : ١٢ / ٢٥٨.
(٣) تفسير القرآن للصنعاني : ٣ / ٦٠.
(٤) زاد المسير : ٥ / ٣٦٢.
(٥) جامع البيان : ١٨ / ١٩١ ، ومجمع البيان : ٧ / ٢٥٣.
(٦) السبعة : ٤٥٥ ـ ٤٥٦ ، والمبسوط : ٣١٨ ، والتبصرة : ٦١٠.
(٧) ينظر الحجة لأبي علي الفارسي : ٥ / ٣٢٣ ، وحجة القراءات : ٤٩٩.