يسأل عن قوله : (يُقِيمُوا الصَّلاةَ) ما موضعه من الإعراب؟
والجواب جزم من ثلاثة أوجه :
أحدها : جواب الأمر الذي هو (قُلْ ؛) لأنّ المعنى في : (قُلْ) إن تقل لهم يقيموا الصلاة (١).
والثّاني : أنّه جواب أمر محذوف تقديره : قل لعبادي أقيموا الصلاة يقيموا الصلاة (٢).
والثّالث : أنّه على حذف لام الأمر ، كأنه قال : قل لعبادي ليقيموا الصلاة ، وإنما جاز حذف (اللام) هاهنا ؛ لأن في الكلام عليها دليلا ، فعلى هذا يجوز : قل له يضرب زيدا ، ولا يجوز : يضرب زيدا [٤٥ / ظ] ؛ لأنّه لا دليل على اللّام ، ولا عوض منها ، وهذا قول الزّجاج (٣).
قوله تعالى : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) [إبراهيم : ٤٦].
قرأ الكسائي وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لتزُول مِنْهُ الْجِبالُ بضمّ اللّام الأخيرة وفتح الأولى ، وقرأ الباقون : بكسر الأولى وفتح الثّانية (٤).
ومعنى قراءة الجماعة : وما كان مكرهم لتزول منه الجبال ، أي : ليبطل الحق والإسلام ؛ لأنهما ثابتان بالدّليل والبرهان ، فهما كالجبال.
وأمّا قراءة الكسائي فمعناها : الاستعظام لمكرهم ، كأنّها تزول منه الجبال لعظمه (٥).
و (إِنْ) في القراءة الأولى بمعنى (ما) وهو قول ابن عبّاس والحسن ، وعلى القراءة الثانية (إِنْ) مخفّفة من الثّقيلة (٦).
__________________
(١) هذا قول الأخفش في معاني القرآن : ١ / ٧٥.
(٢) ينظر المقتضب : ٢ / ٨٤ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١٨٤.
(٣) الزّجاج جوز هذا الوجه ولكنه رجّح أن تكون مجزومة في جواب الأمر. ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ١٣٣.
(٤) المبسوط : ٢٥٧ ، والنشر : ٢ / ٣٠٠ ، وقراءة الأعمش في : مصطلح الإشارات : ٢٨٩ ، والإتحاف : ٢٧٣.
(٥) الحجة في علل القراءات السبع : ٢٠٣.
(٦) الحجة في القراءات : ٥ / ٣١.