قوله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) [الرعد : ١٥].
الطّاعة والطّوع : الانقياد (١). والكره والكره والكراهة بمعنى (٢). والظّلال جمع ظلّ وهو ستر الشّخص ما بإزائه (٣).
والغدو والغداة وغدوة بمعنى (٤). والآصال جمع أصل [٤٥ / و] والأصل جمع أصيل وهو العشيّ ، وقد يقال في جمعه أصائل (٥). قال أبو ذؤيب (٦) :
لعمري لأنت البيت أكرم أهله |
|
وأقعد في أفيائه بالأصائل |
ويسأل عن معنى قوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) [الرعد : ١٥]؟
والجواب : أن الحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد قالوا : المؤمن يسجد طوعا والكافر يسجد كرها ، والمعنى على هذا أنّ السجود واجب لله تعالى ، فالمؤمن يفعله طوعا والكافر يؤخذ بالسجود كرها ، أي : هذا الحكم في وجوب السجود لله.
وقيل : المؤمن يسجد طوعا والكافر في حكم الساجد كرها لما فيه من الحاجة والذّلة التي تدعو إلى الخضوع لله تعالى (٧).
وأما سجود الظّلال فبما فيها من أثر الصّنعة ، وقيل : إنّ الكافر إذا سجد لغير الله سجد ظلّه لله تعالى (٨).
قوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ) [الرعد : ٣٥].
__________________
(١) ينظر الفروق اللغوية : ٣٣٥ ، والمفردات في غريب القرآن : ٣١٠.
(٢) معاني القرآن للنحاس : ٢ / ٤٥ ، والمفردات في غريب القرآن : ٤٢٩.
(٣) ينظر الصحاح : ٥ / ١٧٥٦ (ظلل).
(٤) ينظر اللسان : ١٥ / ١١٦ (غدا).
(٥) تاج العروس : ٧ / ٢٠٧.
(٦) ديوان الهذليين : ١ / ٢١٣ ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٢٣٩ ، والماوردي في النكت والعيون : ٣ / ١٠٤.
(٧) ينظر المسألة في : معاني القرآن للفراء : ٢ / ٦١ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٣ / ٤٨٦.
(٨) التبيان في تفسير القرآن : ٦ / ٢٣٤ ، وبحر العلوم : ٢ / ١٨٩.