فعليه بدنة. وقد حكم بذلك النّبي صلىاللهعليهوسلم ، عن الحسن : وإن قتل أروى (١) فعليه بقرة ، وإن قتل غزالا أو أرنبا فعليه شاة ، وهذا قول ابن عباس والسّدي ومجاهد وعطاء والضحاك (٢).
وأمّا من قرأ بالإضافة فإن بعض النّحويين أنكر عليه ذلك ؛ لأنّه من إضافة الشّيء إلى نفسه (٣). وليس كذلك ؛ لأنّ (الجزاء) هاهنا مصدر ، وهو غير (المثل) وإنّما هو فعل المجازي. (ومثل) هاهنا بمعنى ذات الشّيء كما تقول : مثلك لا يفعل كذا ، وأنت تريد : أنت لا تفعل كذا ، وكذلك (مثل) نحو قوله تعالى : (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ) [الأنعام : ١٢٢]. إنّما يريد كمن هو في الظّلمات.
وعلى هذا حمل محمد بن جرير (٤) قوله تعالى : «ليس كمثله شيء» ، أي : ليس كذاته شيء. والواجب على القاتل على هذه القراءة أن يقوّم الصّيد بقيمة عادلة ثم يشترى بثمنه مثله من النّعم يهدى إلى الكعبة (٥).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) [المائدة : ١٠١] ، قال ابن عباس وأنس وأبو هريرة والحسن وطاووس وقتادة والسّدي : نزلت (٦) في رجل يقال له (عبد الله) وكان يطعن في نسبه ، فقال : يا رسول الله من أبي؟ فقال : حذافة ، وهو غير الذي ينسب إليه ، فساءه ذلك ، فنزلت هذه الآية.
وقيل : نزلت لأنّهم سألوا عن أمر الحج لمّا نزلت : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُ) [آل عمران : ٩٧] ، فقالوا : أفي كل عام؟ قال : لا ، ولو قلت نعم لوجبت.
ويروى عن مجاهد وأبي أمامة وعن ابن عباس وأبي هريرة بخلاف ، ويذكر أن السؤال الأول والثاني كانا في مجلس واحد.
فصل :
ويسأل عن قوله : (أَشْياءَ) لم لم ينصرف؟ وفيه بين العلماء خلاف :
__________________
(١) الأروى : إناث الوعل ، وهو اسم جمعها وواحدها (أرويّة). الصحاح : ٦ / ٢٣٦٣ (روى).
(٢) جامع البيان : ٧ / ٥٩ ، والدر المنثور : ٢ / ٣٢٨.
(٣) من الذين قالوا بالإضافة الأزهري في معاني القراءات : ١ / ٣٣٨ ، وممّن ردوها الطبري في جامع البيان : ٧ / ٥٨.
(٤) هو الطبري ، ورأيه هذا في جامع البيان : ٢٥ / ١٨.
(٥) ينظر المحرر الوجيز : ٢ / ٢٣٧.
(٦) ينظر في سبب نزول الآية : تفسير ابن عباس : ١٩٢ ، وجامع البيان : ٧ / ١٠٧ ـ ١١٢ وأسباب نزول الآيات : ١٤١ ـ ١٤٢ ، وزاد المسير : ٢ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦.