ما وعده أو بعضه ، فلم يدفع إليه شيئا ، فأنفذ إليه يقول : إن لم تف بما
وعدت ، وإلّا هجوتك ، فأنفذ الأستاذ إليه رسالة على يد رسول كتب فيها : (عرضي فداك).
ولم يدفع إليه حبة واحدة".
وإنّي أرى في
هذه الرواية غرابة من وجهين :
أحدهما : ما
لمكانة الرجلين من منزلة عظيمة بين العلماء ، فالجويني عرف بإمام الحرمين ،
والمجاشعي شيخ النّحو في زمانه.
والآخر : أن
المجاشعي ـ رحمهالله ـ قد شهد بكرم هذا العالم في هذه المسألة حصرا ـ كما
سبق ـ ووصفه بأوصاف جليلة.
وفي سنة سبعين
وأربعمائة حينما دخل المجاشعي نيسابور مرة أخرى ، تتلمذ على يديه العديد من طلبة
العلم ، نذكر مثلا على هذا ما أورده تلميذه عبد الغافر في سياق ترجمته لأبي محمد
البكري ، قال : " وحضر معنا مجلس الاستفادة من الإمام أبي الحسن
علي بن فضّال المجاشعي النحوي القادم إلينا سنة سبعين وأربعمئة ، وسمع من تصانيفه (نكت
القرآن) وانتسخها ثم توفي".
وفي محطات
ترحاله الأخيرة يقول عبد الغافر : " ثم ارتحل وعاد إلى بغداد وأقام بها
مستوطنا إلى أن جاءنا نعيه ، ولم يخلف في وقته مثله ، أجازني بجميع مسموعاته ،
ومجموعاته وتصانيفه".
تذكر المصادر
أنّه لمّا عاد إلى بغداد صحب نظام الملك ، وانخرط في سلك الخدمة النّظامية مع
أفاضل الأفاق ، فدرس النّحو واللغة والأدب ، وتخرج على يديه العديد من طلبة العلم أمثال : الحريري
صاحب المقامات ، وأبي العلاء الإسحاقي .
__________________