يسأل عن معنى قوله تعالى : (بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ؟)
وفيه جوابان (١) :
أحدهما : أنهم في التناصر للدين بعضهم من بعض ، أي : في الاجتماع ، كما قال تعالى :
(الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة : ٦٧] ، أي : في الاجتماع على الضلالة ، والمؤمنون بعضهم من بعض ، أي : بعضهم أولياء بعض في الاجتماع على الهدى.
وهذا قول الحسن وقتادة.
والجواب الثاني : أن بعضها من بعض في التسلسل ، أي : جميعهم ذرية آدم ثم ذرية نوح ، ثم ذرية إبراهيم عليهمالسلام.
فصل :
ويسأل : ما وزن (ذُرِّيَّةً ،) وفيه ثلاثة أوجه (٢) :
أحدها : أن وزنها (فعليّة) من الذّرّ ، مثل : قمريّة.
والثاني : أن وزنها (فعّولة) والأصل فيها (ذرّورة) ، إلا أنه كرّه التضعيف فقلبت الراء الأخيرة ياء فصارت (ذرّوية) ، ثم قلبت الواو ياء ؛ لاجتماع الواو والياء وسبق الأولى منهما بالسكون ، وكسر ما قبل الياء الساكنة ؛ لتصحّ ، فقيل : (ذرّيّة).
والثالث : أن أصلها (ذرؤة) من : ذرأ الله الخلق ، فاستثقلت الهمزة فأبدلت ياء ، وفعل بها ما فعل بالوجه الذي ذكرناه آنفا ، واجتمع على تخفيفها كما اجتمع على تخفيف (بريّة).
ويسأل عن نصب (ذُرِّيَّةً؟)
وفي النصب جوابان :
أحدهما : أن يكون بدلا من آدم وما بعده (٣) ، وإن كان آدم غير ذرية لأحد ، وذلك إذا أخذتها من (ذرّ الله الخلق).
والثاني : أن يكون نصبا على الحال ، ويجوز رفعها على إضمار مبتدأ محذوف كأنه قال : تلك ذرّيّة (٤).
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ٣ / ٣١٨ ، وأحكام القرآن : ٢ / ١٣ ، وزاد المسير : ١ / ٣٢٠.
(٢) ينظر في هذه المسألة : المفردات في غريب القرآن : ١٧٨ ، وزاد المسير : ١ / ٣٢٠ ، والتبيان في إعراب القرآن : ١ / ١١٤ ، واللباب في علل البناء والإعراب : ٢ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، والمجيد : (تحقيق : عطية) : ٦٣.
(٣) الكشاف : ١ / ٤٢٤ ، والتبيان في إعراب القرآن : ١ / ١١٥ ، والمجيد : (تحقيق : عطية) : ٦٣.
(٤) ينظر معاني القرآن الفراء : ١ / ٢٠٧ ، ومعاني القرآن للأخفش : ١ / ٢٠٠ ، والمحرر الوجيز : ٣ / ٨٣.