وبما ذكرنا يندفع ما يتوهم : ان التبادر موجود كذلك فى المجاز المشهور فلا يكون لازما خاصا لها وذلك ان المجاز المشهور هو ما يفهم منه المعنى ـ كما ذكرنا ـ باعانة الشهرة والذى اعتبر فى معرفة الحقيقة هو التبادر من جهة اللفظ مع قطع النظر عن القرائن.
وبالتأمل فيما حققناه تعلم معنى كون تبادر الغير علامة للمجاز.
الثالث (١) صحة السلب يعرف بها المجاز كما تعرف الحقيقة بعدمها. والمراد ـ ايضا ـ اصطلاح التخاطب.
واورد على ذلك باستلزامه الدور المضمر فان كون المستعمل فيه مجازا لا يعرف إلّا بصحة سلب المعانى الحقيقية ولا يعرف سلب المعانى الحقيقية الا بعد معرفة ان المستعمل فيه ليس منها وهو موقوف على معرفة كونه مجازا فلو اثبت كونه ـ مجازا بصحة السلب لزم الدور المذكور.
واما لزوم الدور فى عدم صحة السلب فالحق انه ـ ايضا ـ مضمر لان معرفة كون الانسان حقيقة فى البليد موقوف على عدم صحة سلب المعانى الحقيقية للانسان عنه وعدم صحة سلب المعانى الحقيقية موقوف على عدم معنى حقيقى للانسان يجوز سلبه عنه كالكامل فى الانسانية ومعرفة عدم هذا المعنى موقوف على معرفة كون الانسان حقيقة فى البليد.
والذى يختلج بالبال فى حل الاشكال ان يقال : ان سلب ما علم كونه معنى حقيقيا
__________________
(١) لا بأس بذكر مقال لتوضيح حال وهو ان كل لفظ ، له معنى يتحقق بينهما بسبب الوضع ربط خاص يصير به هذا مدلول ذلك وذاك دالا عليه. وهذا الربط هو المعبر عنه يكون ذلك المعنى معنى لهذا اللفظ. فالمراد بسلب اللفظ من جهة المعنى عن المعنى المبحوث عنه انه لم يتحقق هذا الربط بين المعنى المقصود وهذا اللفظ ولم يصر هذا المعنى معنى لهذا اللفظ فيستكشف انا انه لم يتحقق الوضع الذى هو سبب صيرورة هذا معنى ذلك.