٣ ـ كان محمد قبل الهجرة يقف فى صلاته بحيث يرى أمامه على اليمين الكعبة وبيت المقدس «ابن هشام ـ السيرة ص (١٩٠ ، ٢٢٨).
ويؤيد كل من سبرنجر فى كتابه «حياة محمد وعلمه ، الجزء (٣) ص (٤٦) ملحوظة» (٢) وفنسنك فى كتابه «محمد واليهود فى المدينة ـ ليدن ـ (١٩٠٣ م) ص (١٠٨) الاحتمال الثانى ، وهو أن القبلة كانت فى مكة قبل الهجرة هى بيت المقدس ، وإذا كان الأمر كذلك فمن الخطأ أن نفترض أن محمدا اتخذ بيت المقدس قبلة ليتقرب إلى اليهود لأنه فى مكة قبل الهجرة لم يكن فى حاجة لذلك ، ولم يدخل فى علاقة مع اليهود إلا فى المدينة.
وفى رأينا أن ما يفسد هذا الرأى هو الآتى :
(أ) القول بأن محمدا غير القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة فى رجب من السنة الثانية للهجرة ، كما جاء فى ابن هشام طبعة فستنفيلد (Wistenfeld) ص (٣٨١) وابن سعد «الطبقات الكبرى» م (١٠) ص (٢٦١) ، الطبرى «تفسير الطبرى» ج (٢) ص (٣) ، أو فى شعبان من نفس العام كما جاء فى «تفسير الطبرى الجزء الثانى ص (٣٠) وابن الأثير الجزء الثانى ص (٩٨)» غير سليم لأن الآيات القرآنية التى تحدثت عن هذا الموضوع لم تتحدث عن الرجوع إلى قبلة قديمة ولكنها تقول فقط (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(١) ، (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ)(٢) ، (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)(٣).
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية (١٤٢).
(٢) سورة البقرة ، الآية (١٤٣).
(٣) سورة البقرة ، الآية (١٤٤).