بكلام تيودور نولدكه» ThedoreNoldeke «المستشرق الألمانى الشهير فى مقال نشر أولا فى الموسوعة البريطانية الطبعة التاسعة (مج ١٦ ص ٥٩٧ حوالى عام ١٨٨٧) (١) حيث يقول : أكثر جهلاء اليهود لا يمكن أن يخلطوا بين هامان (وزير أحشويروش) وهامان وزير فرعون (لمحات السابق ص ٣٠).
هذا البرهان القاطع لنولدكه يقتضى الملاحظات الآتية :
١ ـ من أى جهة زعم أن هامان فى القرآن هو نفس هامان المذكور فى سفر استر (١٣ ـ ١ ـ ١٥ ، ٧) المقرب من الملك أحشويروش ملك الفرس وزوج استر ، فلا فى التوراة ولا فى الأساطير اليهودية الأجادية (٢) ولا الأخرى فليس لهامان هذا قبله ببناء البرج الشهير ببابل (سفر التكوين الأصحاح ١١ ، ١ ـ ٩) ، والذى يبدو أنه بنى بعد الطوفان بقليل وبعد نزول نوح ومن معه ، ومن ناحية أخرى فإن عاصمة شوشن كانت قلعة شوش فى سوسيانا وهى فى أرض فارس أصلا وليست لها أية علاقة ببابل أو بابليون (سفر استر ١ ، ٢ ـ ٣) ، وهامان هو ابن همداثا من بلاد الأجاجى (أسنير ٤ ـ ١) ، وهى بلاد قديمة مجهولة ، إذا فالتوراة التى زعم أنها مصدر القرآن فى هذه القضية لا تربط هامان لا ببابل ولا ببرج بابل ، من أين يأتى إذا الخلط إن وجد بين هامان وزير الملك أحشويروش وهامان المذكور فى القرآن؟
ولكن نولدكه لا يحاول إثبات قضيته التى لا برهان عليها وهو شىء مدهش من جانب رجل يشعر بأنه «عالم كبير» وأحد أعمدة الاستشراق!
٢ ـ وإذا كان الأمر كما قال من أن أكبر جهلاء اليهود بالمدينة لم يخلط بين هامان وزير أحشويروش وهامان وزير فرعون ومحمد بالتأكيد قد سمع من فم هؤلاء الجهلاء اليهود هذا الاعتراض وصحح هذا الخطأ الكبير المزعوم وهذا الخطأ من المفترض أن لا يبقى فى النص القرآنى المنقول بعد ذلك ، بينما هذا النص موجود فى القرآن منذ نزوله حتى اليوم.
إذا فافتراض نولدكه خطأ محض وعبث.
__________________
(١) مذكور فى كتابه «لمحات من التاريخ الشرقى ١٨٩٢ ص ، ٢١ ، ٥٩».
(٢) هي القسم التاريخى من العهد القديم الذي ينقسم إلى :
(٤) الهالاخاة (العقيدة). (ب) الآجاداة (التاريخ).