لأن إضافة اسم الفاعل بمعنى الحال أو الاستقبال غير محضة فلا يعرف ، وإذا
لم يتعرف فلا يكون نعتا لمعرفة لما عرفت فيما تقدم من اشتراط الموافقة تعريفا
وتنكيرا ، وإما أن يجعل بدلا وهو ضعيف ، لأن البدل بالمشتقات نادر كما تقدم.
والذي ينبغي أن
يقال : إنه نعت على معنى أن تقييده بالزمان غير معتبر ، لأن الموصوف إذا عرف بوصف
كان تقييده بزمان غير معتبر فكأن المعنى ـ والله أعلم ـ أنه متصف بمالك يوم الدين
مطلقا من غير نظر إلى مضي ولا حال ولا استقبال ، وهذا ما مال إليه أبو القاسم
الزمخشري.
وإضافة مالك
وملك إلى (يَوْمِ الدِّينِ) من باب الاتساع إذ متعلقهما غير اليوم والتقدير : مالك
الأمر كله يوم الدين ، ونظير إضافة : (مالِكِ) إلى الظرف هنا نظير إضافة : «طباخ» إلى «ساعات» من قول
الشاعر :
٤٩ ـ ربّ ابن
عمّ لسليمى مشمعلّ
|
|
طبّاخ ساعات
الكرى زاد الكسل
|
إلا أن المفعول
في البيت مذكور وهو «زاد الكسل» وفي الآية الكريمة غير مذكور للدلالة عليه ، ويجوز
أن يكون الكلام على ظاهره من غير تقدير حذف.
ونسبة الملك
والملك إلى الزمان في حق الله تعالى غير مشكلة ويؤيده ظاهر قراءة من قرأ : «ملك
يوم الدين» فعلا ماضيا فإن ظاهرها كون «يوم» مفعولا به ، والإضافة على معنى اللام
لأنها الأصل ، ومنهم من جعلها في هذا النحو على معنى «في» مستندا إلى ظاهر قوله
تعالى : (بَلْ مَكْرُ
اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) قال : «المعنى مكر في الليل إذ الليل لا يوصف بالمكر
إنما يوصف به العقلاء فالمكر واقع فيه». والمشهور أن الإضافة : إما على معنى اللام
وإما على معنى «من» وكونها بمعنى «في» غير صحيح. وأما قوله تعالى : (مَكْرُ اللَّيْلِ) فلا دلالة فيه لأن هذا من باب البلاغة ، وهو التجوز في
أن جعل ليلهم ونهارهم ماكرين مبالغة في كثرة وقوعه منهم فيهما ، فهو نظير قولهم :
نهاره صائم وليله قائم ، وقول الشاعر :
٥٠ ـ أمّا
النّهار ففي قيد وسلسلة
|
|
واللّيل في
قعر منحوت من السّاج
|
لما كانت هذه
الأشياء يكثر وقوعها في هذه الظروف وصفوها بها مبالغة في ذلك ، وهو مذهب حسن مشهور
في كلامهم.
واليوم لغة :
القطعة من الزمان ، أي زمن كان من ليل أو نهار قال تعالى : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ* إِلى
رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) وذلك كناية عن احتضار الموتى وهو لا يختص بليل ولا نهار
وأما في العرف فهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
__________________