القراءات التي لو سمعها العامة لمجّوها ومن تعاليلها ، ولكن صار التارك لها يعدّه بعضهم جاهلا بالاطلاع عليها.
ويقال : ربا ورما ، بإبدال بائه ميما ، كما قالوا : كثم في كثب. والألف واللام في «الرّبا» يجوز أن تكون للعهد ، إذ المراد الربا الشرعيّ ، ويجوز أن تكون لتعريف الجنس.
قوله : (لا يَقُومُونَ) الظاهر أنها خبر الموصول المتقدّم ، وقال بعضهم : إنها حال ، وهو سهو ، وقد يتكلّف تصحيحه بأن يضمر الخبر كقراءة من قرأ (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ)(١) ، وقوله :
١١٠٠ ـ ولا أنا باغيا (٢) |
|
............... |
في أحد الوجهين.
قوله : (إِلَّا كَما يَقُومُ) فيه الوجهان المشهوران وهما :
النصب على النعت لمصدر محذوف أي : لا يقومون إلا قيام مثل قيام الذي يتخبطه الشيطان ، وهو المشهور عند المعربين.
أو النصب على الحال من ضمير ذلك المصدر المقدّر أي : لا يقومونه أي القيام إلا مشبها قيام الذي يتخبطه الشيطان ، وهو رأي سيبويه ، وقد قدّمت تحقيقهما.
و «ما» الظاهر أنها مصدرية أي : كقيام. وجوّز بعضهم أن تكون بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، والتقدير : إلا كالقيام الذي يقومه الذي يتخبّطه الشيطان ، وهو بعيد.
و «يتخبّطه» يتفعّله ، وهو بمعنى المجرد أي يخبطه ؛ فهو مثل : تعدّى الشيء وعداه. ومعنى ذلك مأخوذ من خبط البعير بأخفافه : إذا ضرب بها الأرض. ويقال : فلان يخبط خبط عشواء ، قال علقمة :
١١٠١ ـ وفي كلّ حيّ قد خبطت بنعمة |
|
فحقّ لشأس من نداك ذنوب (٣) |
وقال زهير :
١١٠٢ ـ رأيت المنايا خبط عشواء من تصب |
|
تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم (٤) |
قوله : (مِنَ الْمَسِ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه متعلق بيتخبّطه من جهة الجنون ، فيكون في موضع نصب قاله أبو البقاء.
والثاني : أنه يتعلّق بقوله : «لا يقومون» أي : لا يقومون من المسّ الذي بهم إلا كما يقوم المصروع.
الثالث : أنه يتعلّق بقوله : «يقوم» أي : كما يقوم المصروع من جنونه. ذكر هذين الوجهين الأخيرين الزمخشري.
__________________
(١) سورة يوسف ، آية (٨).
(٢) تقدم.
(٣) انظر ديوانه (٤٨) ، الكتاب (٢ / ٤٢٣) ، المفضليات (٣٩٦).
(٤) من معلقته انظر ديوانه (٢٩) ، الشنقيطي (٨٦).