أحدهما : أنه فعل.
والثاني : أنه فيعل فخفّف ، كما قالوا ميت وهين ، والأصل : هيّن وميّت.
والقيّوم : فيعول من قام بالأمر يقوم به إذا دبّره ، قال أمية :
١٠٣٥ ـ لم تخلق السّماء والنّجوم |
|
والشّمس معها قمر يعوم (١) |
قدّره مهيمن قيّوم |
|
والحشر والجنّة والنّعيم |
إلّا لأمر شأنه عظيم |
وأصله قيووم ، فاجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت فيها الياء فصار قيّوما.
وقرأ ابن مسعود والأعمش : «القيّام» ، وقرأ علقمة (٢) : «القيّم» وهذا كما يقولون : ديّور وديار وديّر. ولا يجوز أن يكون وزنه فعّولا ك «سفّود» (٣) إذ لو كان كذلك لكان لفظه قوّوما ، لأن العين المضاعفة أبدا من جنس الأصلية كسبّوح وقدّوس وضرّاب وقتّال ، فالزائد من جنس العين ، فلمّا جاء بالياء دون الواو علمنا أن أصله فيعول لا فعّول ؛ وعدّ بعضهم فيعولا من صيغ المبالغة كضروب وضرّاب.
قوله : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ) في هذه الجملة خمسة أوجه :
أحدها : أنها في محلّ رفع خبرا للحيّ كما تقدّم في أحد أوجه رفع الحيّ.
الثاني : أنها خبر عن الله تعالى عند من يجيز تعدّد الخبر.
الثالث : أنها في محلّ نصب على الحال من الضمير المستكنّ في «القيّوم» كأنه قيل : يقوم بأمر الخلق غير غافل ، قاله أبو البقاء.
الرابع : أنها استئناف إخبار ، أخبر تعالى عن ذاته القديمة بذلك.
الخامس : أنها تأكيد للقيّوم لأن من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيّوما ، قاله الزمخشري ، فعلى قوله إنها تأكيد يجوز أن يكون محلّها النصب على الحال المؤكدة ، ويجوز أن تكون استئنافا وفيها معنى التأكيد فتصير الأوجه أربعة.
والسّنة : النّعاس ، وهو ما يتقدّم النوم من الفتور ، قال عديّ بن الرقاع :
١٠٣٦ ـ وسنان أقصده النّعاس فرنّقت |
|
في عينه سنة وليس بنائم (٤) |
وهي مصدر وسن يسن مثل : وعد يعد ، وقد تقدّم علة الحذف عند قوله : (سَعَةً مِنَ الْمالِ)(٥). وقال ابن
__________________
(١) انظر ديوانه (٥٧) ، الطبري (٥ / ٣٨٨) ، القرطبي (٣ / ٢٧١).
(٢) علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك النخعي الهمداني أبو شبل تابعي كان فقيه العراق يشبه ابن مسعود في هديه وسمته وفضله توفي سنة ٦٢ ه. تهذيب التهذيب (٧ / ٢٧٦) ، تذكرة الحفاظ (١ / ٤٥) ، حلية الأولياء (٢ / ٩٨) ، تاريخ بغداد (١٢ / ٢٩٦).
(٣) وهي الحديدة التي يشوى عليها.
(٤) البيت في الحماسة الشجرية (٢ / ٦٨٢) ، اللسان «تعس».
(٥) سورة البقرة ، آية (٢٤٧).