الشرف بخلاف «صاحب». و «على الناس» متعلق بفضل. تقول : تفضّل فلان عليّ ،
أو بمحذوف لأنه صفة له فهو في محل جر ، أي : فضل كائن على الناس. وأل في الناس
للعموم ، وقيل : للعهد ، والمراد بهم الذين أماتهم.
قوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) هذا استدراك ممّا تضمّنه قوله : «إنّ الله لذو فضل على
الناس» ، لأنّ تقديره : فيجب عليهم أن يشكروا لتفضّله عليهم بالإيجاد والرزق ،
ولكنّ أكثرهم غير شاكر.
قوله تعالى : (وَقاتِلُوا)
: هذه الجملة
فيها أقوال :
أحدها : أنها
عطف على قوله : «موتوا» وهو أمر لمن أحياهم الله بعد الإماتة بالجهاد ، أي : فقال
لهم : موتوا وقاتلوا ، روي ذلك عن ابن عباس والضحاك. قال الطبري : «ولا وجه لهذا
القول».
والثاني : أنها
معطوفة على قوله : (حافِظُوا عَلَى
الصَّلَواتِ) وما بينهما اعتراض.
والثالث : أنها
معطوفة على محذوف تقديره : «فأطيعوا وقاتلوا ، أو فلا تحذروا الموت كما حذره الذين
من قبلكم فلم ينفعهم الحذر» ، قاله أبو البقاء. والظاهر أنّ هذا أمر لهذه الأمة
بالجهاد ، بعد أن ذكر أن قوما لم ينفعهم الحذر من الموت ، فهو تشجيع لهم ، فيكون
من عطف الجمل فلا يشترط التوافق في أمر ولا غيره.
(مَنْ ذَا الَّذِي
يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ
يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٢٤٥)
قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ
قَرْضاً حَسَناً)
: «من» للاستفهام
ومحلّها الرفع على الابتداء ، و «ذا» اسم إشارة خبره ، و «الذي» وصلته نعت لاسم
الإشارة أو بدل منه ، ويجوز أن يكون «من ذا» كلّه بمنزلة اسم واحد تركّبا كقولك : «ما
ذا صنعت» كما تقدّم شرحه في قوله : (ما ذا أَرادَ اللهُ). ومنع أبو البقاء هذا الوجه وفرّق بينه وبين قولك : «ما
ذا» حيث يجعلان اسما واحدا بأنّ «ما» أشدّ إبهاما من «من» لأنّ «من» لمن يعقل. ولا
معنى لهذا المنع بهذه العلة ، والنحويون نصّوا على أنّ حكم «من ذا» حكم «ما ذا».
ويجوز أن يكون «ذا»
بمعنى الذي ، وفيه حينئذ تأويلان :
أحدهما : أنّ «الذي»
الثاني تأكيد له ، لأنه بمعناه ، كأنه قيل : من الذي الذي يقرض؟.
والثاني : أن
يكون «الذي» خبر مبتدإ محذوف ، والجملة صلة ذا ، تقديره : «من الذي هو الذي يقرض»
وذا صولته خبر «من» الاستفهامية. أجاز هذين الوجهين جمال الدين بن مالك ، وهما
ضعيفان ، والوجه ما قدّمته.
وانتصب «قرضا»
على المصدر على حذف الزوائد ، إذ المعنى : إقراضا كقوله : (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) ، وعلى هذا فالمفعول الثاني محذوف تقديره : «يقرض الله
مالا وصدقة» ، ولا بدّ من حذف مضاف تقديره : يقرض عباد الله المحاويج ، لتعاليه عن
ذلك ، أو يكون على سبيل التجوّز ، ويجوز أن يكون بمعنى المفعول
__________________