نحو : الخلّق بمعنى المخلوق ، وانتصابه حينئذ على أنه مفعول ثان ل «يقرض».
«وحسنا» يجوز أن يكون صفة ل «قرضا» بالمعنيين المذكورين ، ويجوز أن يكون نعت مصدر محذوف ، إذا جعلنا «قرضا» بمعنى مفعول أي : إقراضا حسنا.
قوله : (فَيُضاعِفَهُ) قرأ عاصم وابن عامر هنا ، وفي الحديد (١) بنصب الفاء ، إلّا أنّ ابن عامر يشدّد العين من غير ألف. والباقون برفعها ، إلّا أنّ ابن كثير يشدّد العين من غير ألف ، فالرفع من وجهين :
أحدهما : أنه عطف على «يقرض» الصلة.
والثاني : أنه رفع على الاستئناف أي : فهو يضاعفه ، والأول أحسن لعدم الإضمار.
والنصب من وجهين :
أحدهما : أنه منصوب بإضمار «أن» عطفا على المصدر المفهوم من «يقرض» في المعنى ، فيكون مصدرا معطوفا على مصدر تقديره : من ذا الذي يكون منه إقراض فمضاعفة من الله ، كقوله :
١٠١٨ ـ للبس عباءة وتقرّ عيني |
|
أحبّ إليّ من لبس الشّفوف (٢) |
والثاني : أنه نصب على جواب الاستفهام في المعنى ، لأنّ الاستفهام وإن وقع عن المقرض لفظا فهو عن الإقراض معنى كأنه قال : أيقرض الله أحد فضاعفه.
قال أبو البقاء : «ولا يجوز أن يكون جواب الاستفهام على اللفظ لأنّ المستفهم عنه في اللفظ المقرض أي الفاعل للقرض ، لا عن القرض ، أي : الذي هو الفعل» وقد منع بعض النحويين النصب بعد الفاء في جواب الاستفهام الواقع عن المسند إليه الحكم لا عن الحكم ، وهو محجوج بهذه الآية وغيرها ، كقوله : «من يستغفرني فأغفر له ، من يدعوني فأستجيب له» (٣) بالنصب فيهما.
قال أبو البقاء : «فإن قيل : لم لا يعطف الفعل على المصدر الذي هو «قرضا» كما يعطف الفعل على المصدر بإضمار «أن» مثل قول الشاعر :
١٠١٩ ـ للبس عباءة وتقرّ عيني |
|
............... (٤) |
قيل : هذا لا يصحّ لوجهين :
أحدهما : أنّ «قرضا» هنا مصدر مؤكّد ، والمصدر المؤكّد لا يقدّر ب «أن» والفعل.
والثاني : أنّ عطفه عليه يوجب أن يكون معمولا ليقرض ، ولا يصحّ هذا في المعنى ، لأن المضاعفة ليست مقرضة ، وإنما هي فعل الله تعالى ، وتعليله في الوجه الأول يؤذن بأنه يشترط في النصب أن يعطف على مصدر يتقدّر ب «أن» والفعل ، وهذا ليس بشرط ، بل يجوز ذلك وإن كان الاسم المعطوف عليه غير مصدر كقوله :
__________________
(١) سورة الحديد ، آية (١١).
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه البخاري (٣ / ٢٩) ، كتاب التهجد (١١٤٥) ، ومسلم (١ / ٥٢١) ، كتاب صلاة المسافرين (١٦٨ ـ ٧٥٨).
(٤) تقدم.