أحدهما : أن يكون استثناء منقطعا ، قال ابن عطية وغيره : «لأنّ عفوهنّ عن النصف ليس من جنس أخذهنّ».
والثاني : أنه متصل ، لكنه من الأحوال ، لأنّ قوله : «فنصف ما فرضتم» معناه : فالواجب عليكم نصف ما فرضتم في كلّ حال إلا في حال عفوهنّ ، فإنه لا يجب ، وإليه نحا أبو البقاء ، وهذا ظاهر ، ونظيره : (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ)(١).
قال الشيخ (٢) : «إلّا أنّ من منع أن تقع أن وصلتها حالا كسيبويه فإنه يمنع ذلك ، ويكون حينئذ منقطعا».
وقرأ الحسن «يعفونه» بهاء مضمومة ، وفيها وجهان :
أحدهما : أنها ضمير يعود على النصف. والأصل : إلّا أن يعفون عنه ، فحذف حرف الجرّ ، فاتصل الضمير بالفعل.
والثاني : أنها هاء السكت والاستراحة ، وإنما ضمّها تشبيها بهاء الضمير كقول الآخر :
١٠٠٩ ـ هم الفاعلون الخير والآمرونه |
|
............... (٣) |
على أحد التأويلين في البيت أيضا.
وقرأ ابن أبي إسحاق : «تعفون» بتاء الخطاب ، ووجهها الالتفات من ضمير الغيبة إلى الخطاب ، وفائدة هذا الالتفات التحضيض على عفوهنّ وأنه مندوب.
و «يعفون» منصوب بأن تقديرا فإنّه مبنيّ لاتصاله بنون الإناث. هذا رأي الجمهور. وأمّا ابن درستويه والسهيلي فإنه عندهما معرب. وقد فرّق الزمخشري وأبو البقاء بين قولك : «الرجال يعفون» و «النساء يعفون» وإن كان هذا من واضحات النحو : بأن قولك : «الرجال يعفون» : الواو فيه ضمير جماعة الذكور وحذفت قبلها واو أخرى هي لام الكلمة ، فإن الأصل : يعفوون فاستثقلت الضمة على الواو الأولى فحذفت فبقيت ساكنة ، وبعدها واو الضمير أيضا ساكنة ، فحذفت الواو الأولى لئلّا يلتقي ساكنان ، فوزنه يفعون والنون علامة الرفع فإنه من الأمثلة الخمسة. وأنّ قولك : «النساء يعفون» الواو لام الكلمة والنون ضمير جماعة الإناث ، والفعل معها مبنيّ لا يظهر للعامل فيه أثر.
وقد ناقش الشيخ (٤) الزمخشريّ بأنّ هذا من الواضحات التي بأدنى قراءة في هذا العلم تعرف ، وبأنه لم يبيّن حذف الواو من قولك «الرجال يعفون» وأنه لم يذكر خلافا في بناء المضارع المتصل بنون الإناث ، وكلّ هذا سهل لا ينبغي أن يناقش بمثله.
قوله : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي) «أو» هنا فيها وجهان :
أحدهما : هي للتنويع.
__________________
(١) سورة يوسف ، آية (٦٦).
(٢) انظر البحر المحيط (٢ / ٢٣٥).
(٣) تقدم.
(٤) انظر البحر المحيط (٢ / ٢٣٥).