متاعا ملتبسا بالمعروف. وجوّز الحوفي وجها ثالثا وهو أن يتعلّق بنفس «متاعا».
قوله : (حَقًّا) في نصبه أربعة أوجه :
أحدها : أنه مصدر مؤكّد لمعنى الجملة قبله كقولك : «هذا ابني حقا» وهذا المصدر يجب إضمار عامله تقديره : حقّ ذلك حقا. ولا يجوز تقديم هذا المصدر على الجملة قبله.
والثاني : أن يكون صفة ل «متاعا» ، أي : متاعا واجبا على المحسنين.
والثالث : أنه حال ممّا كان حالا منه «متاعا» ، وهذا على رأي من يجيز تعدّد الحال.
والرابع : أن يكون حالا من «المعروف» ، أي بالذي عرف في حال وجوبه على المحسنين. و «على المحسنين» يجوز أن يتعلّق ب «حقا» ، لأنه بمعنى الواجب ، وأن يتعلّق بمحذوف لأنه صفة له.
(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٢٣٧)
قوله تعالى : (وَقَدْ فَرَضْتُمْ) : هذه الجملة في موضع نصب على الحال ، وذو الحال يجوز أن يكون ضمير الفاعل ، وأن يكون ضمير المفعول لأنّ الرابط موجود فيهما. والتقدير : وإن طلّقتموهنّ فارضين لهن أو مفروضا لهن ، و «فريضة» فيهما الوجهان المتقدمان.
والفاء في «فنصف» جواب الشرط ، فالجملة في محلّ جزم جوابا للشرط ، وارتفاع «نصف» على أحد وجهين : إمّا الابتداء والخبر حينئذ محذوف ، وإن شئت قدّرته قبله ، أي : فعليكم أو فعلهنّ نصف ، وإن شئت بعده أي : فنصف ما فرضتم عليكم ـ أو لهنّ ـ وإمّا على خبر مبتدإ محذوف تقديره : فالواجب نصف.
وقرأت فرقة : «فنصف» بالنصب على تقدير : «فادفعوا أو أدّوا». وقال أبو البقاء : «ولو قرئ بالنصب لكان وجهه «فأدّوا نصف» فكأنه لم يطّلع عليها قراءة مرويّة.
والجمهور على كسر نون «نصف». وقرأ زيد وعلي ، ورواها الأصمعي قراءة عن أبي عمرو : «فنصف» بضمّ النون هنا وفي جميع القرآن ، وهما لغتان. وفيه لغة ثالثة : «نصيف» بزيادة ياء ، ومنه الحديث : «ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» (١). و «ما» في «ما فرضتم» بمعنى الذي ، والعائد محذوف لاستكمال الشروط ، ويضعف جعلها نكرة موصوفة.
قوله : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) في هذا الاستثناء وجهان :
__________________
(١) أخرجه البخاري ٧ / ٢١ ، كتاب فضائل الصحابة (٣٦٧٣) ، ومسلم ٤ / ١٩٦٧ ، كتاب فضائل الصحابة (٢٢٢ ـ ٢٥٤١).