بِقَدَرِها) و «قدرها» (١) ، وقال : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ)(٢) ولو حرّكت الدال لكان جائزا. وذهب جماعة إلى أنهما مختلفان ، فالساكن مصدر والمتحرك اسم كالعدّ والعدد والمدّ والمدد ، وكأنّ القدر بالتسكين الوسع ، يقال : «هو ينفق على قدره» أي وسعه. وقيل : بالتسكين الطاقة ، وبالتحريك المقدار. قال أبو جعفر : «وأكثر ما يستعمل بالتحريك إذا كان مساويا للشيء ، يقال : «هذا على قدر هذا».
وقرأ بعضهم بفتح الراء ، وفي نصبه وجهان :
أحدهما : أن يكون منصوبا على المعنى ، قال أبو البقاء : «وهو مفعول على المعنى ، لأنّ معنى «متّعوهن» ليؤدّ كلّ منكم قدر وسعه» وشرح ما قاله أن يكون من باب التضمين ، ضمّن «متّعوهنّ» معنى «أدّوا».
والثاني : أن يكون منصوبا بإضمار فعل تقديره : فأوجبوا على الموسع قدره. وجعله أبو البقاء أجود من الأول. وفي السجاوندي : «وقال ابن أبي عبلة : «قدره أي قدره الله» انتهى. وظاهر هذا أنه قرأ بفتح الدال والراء ، فيكون «قدره» فعلا ماضيا ، وجعل فيه ضميرا فاعلا يعود على الله تعالى ، والضمير المنصوب يعود على المصدر المفهوم من «متّعوهن». والمعنى : أنّ الله قدر وكتب الإمتاع على الموسع وعلى المقتر.
قوله : (مَتاعاً) في نصبه وجهان :
أحدهما : أنه منصوب على المصدر ، وتحريره أنه اسم مصدر ، لأنّ المصدر الجاري على صدره إنّما هو التمتيع ، فهو من باب : (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً)(٣).
وقال الشيخ (٤) : «قالوا : انتصب على المصدر ، وتحريره أن المتاع هو ما يمتّع به ، فهو اسم له ، ثم أطلق على المصدر على سبيل المجاز ، والعامل فيه : «ومتّعوهنّ» وفيه نظر ، لأنّ المعهود أن يطلق المصدر على أسماء الأعيان كضرب بمعنى مضروب ، وأمّا إطلاق الأعيان على المصدر فلا يجوز ، وإن كان بعضهم جوّزه على قلة نحو قولهم : «تربا وجندلا» و «أقائما وقد قعد الناس». والصحيح أن «تربا» ونحوه مفعول به ، و «قائما» نصب على الحال.
والثاني : من وجهي «متاعا» أن ينتصب على الحال. والعامل فيه ما تضمّنه الجارّ والمجرور من معنى الفعل ، وصاحب الحال ذلك الضمير المستكنّ في ذلك العامل ، والتقدير : قدر الموسع يستقرّ عليه في حال كونه متاعا.
قوله : (بِالْمَعْرُوفِ) فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلّق بمتّعوهن فتكون الباء للتعدية.
والثاني : أن يتعلّق بمحذوف على أنه صفة ل «متاعا» ، فيكون في محلّ نصب ، والباء للمصاحبة ، أي :
__________________
(١) سورة الرعد ، آية (١٧).
(٢) سورة الأنعام ، آية (٩١).
(٣) سورة نوح ، آية (١٧).
(٤) انظر البحر المحيط (٢ / ٢٣٤).