الآية ، وهي في سبعة مواضع في القرآن : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)(١) في موضعين ، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ)(٢) ، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً)(٣) ، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ)(٤) ، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً)(٥) ، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)(٦). وجاز لتقارب مخرجيهما واشتراكهما في الانفتاح والاستفال والجهر. وتحرّز من غير المجزوم نحو : يفعل ذلك. وقد طعن قوم على هذه الرواية فقالوا : لا تصحّ عن الكسائي لأنها تخالف أصوله ، وهذا غير صواب.
قوله : (لِتَعْتَدُوا) هذه لام العلة ، وأجاز أبو البقاء : أن تكون لام العاقبة ، أي : الصيرورة ، وفي متعلّقها وجهان :
أحدهما : أنه «لا تمسكوهنّ».
والثاني : أنه المصدر إن قلنا إنه حال ، وإنّ قلنا إنه مفعول من أجله تعلّقت به فقط ، وتكون علة للعلة ، كما تقول : «ضربت ابني تأديبا لينتفع» ، فالتأديب علة للضرب والانتفاع علة للتأديب. ولا يجوز أن تتعلّق والحالة هذه ب «لا تمسكوهن». و «تعتدوا» منصوب بإضمار «أن» وهي وما بعدها في محلّ جر بهذه اللام ، كما تقدّم تقريره غير مرة. وأصل «تعتدوا» تعتديوا ، فأعلّ كنظائره ، ولا يخفى ذلك ممّا تقدم.
قوله : (عَلَيْكُمْ) يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلّق بنفس «النعمة» إن أريد بها الإنعام ، لأنها اسم مصدر كنبات من أنبت ، ولا تمنع تاء التأنيث من عمل هذا المصدر لأنه مبنيّ عليها كقوله :
٩٨٦ ـ فلو لا رجاء النّصر منك ورهبة |
|
عقابك قد كانوا لنا كالموارد (٧) |
فأعمل «رهبة» في «عقابك» ، وإنما المحذور أن يعمل المصدر الذي لا يبنى عليها نحو : ضرب وضربة ، ولذلك اعتذر الناس عن قوله :
٩٨٧ ـ يحايي به الجلد الذي هو حازم |
|
بضربة كفّيه الملا وهو راكب (٨) |
بأنّ الملا وهو السراب منصوب بفعل مقدر لا بضربة.
والثاني : أن يتعلّق بمحذوف ، على أنه حال من «نعمة» إن أريد بها المنعم به ، فعلى الأول تكون الجلالة في محلّ رفع ، لأنّ المصدر رافع لها تقديرا إذ هي فاعلة به وعلى الثاني في محلّ جر لفظا وتقديرا.
قوله : (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ) يجوز في «ما» وجهان :
__________________
(١) سورة البقرة ، آية (٢٣١).
(٢) سورة آل عمران ، آية (٢٨).
(٣) سورة النساء ، آية (٣٠).
(٤) سورة النساء ، آية (١١٤).
(٥) سورة الفرقان ، آية (٦٨).
(٦) سورة المنافقون ، آية (٩).
(٧) البيت من شواهد الكتاب (١ / ١٨٩) ، شرح المفصل لابن يعيش (٦ / ٦١) ، حاشية يس (٢ / ٦٣) ، البحر المحيط (٢ / ٢٤٥).
(٨) البيت في الهمع (٢ / ٩٢) ، العيني (٣ / ٥٢٧) ، حاشية يس (١ / ٣١٦) ، الدرر (٢ / ١٢٢).