أحدهما : أن تكون في محلّ نصب عطفا على «نعمة» أي اذكروا نعمته والمنزّل عليكم ، فعلى هذا يكون قوله «يعظكم» حالا ، وفي صاحبها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه الفاعل في «أنزل» وهو اسم الله تعالى ، أي : أنزله واعظا به لكم.
والثاني : أنه «ما» الموصولة ، والعامل في الحال اذكروا.
والثالث : أنه العائد على «ما» المحذوف ، أي ؛ وما أنزله موعوظا به ، فالعامل في الحال على هذا القول وعلى القول الأول أنزل.
والثاني من وجهي «ما» أن تكون في محلّ رفع بالابتداء ، ويكون «يعظكم» على هذا في محلّ رفع خبرا لهذا المبتدإ ، أي : والمنزّل عليكم موعوظ به. وأول الوجهين أقوى وأحسن.
قوله : (عَلَيْكُمْ) متعلّق ب «أنزل». و «من الكتاب» متعلّق بمحذوف لأنه حال ، وفي صاحبه وجهان :
أحدهما : أنه «ما» الموصولة.
والثاني : أنه عائدها المحذوف ، إذ التقدير : أنزله في حال كونه من الكتاب. و «من» يجوز أن تكون تبعيضية وأن تكون لبيان الجنس عند من يرى ذلك. والضمير في «به» يعود على «ما» الموصولة.
قوله تعالى : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ) : الآية. كالتي قبلها ، إلّا أنّ الخطاب في «طلّقتم» للأزواج ، وفي «فلا تعضلوهنّ» للأولياء. وقيل : الخطاب فيهما للأولياء وفيه بعد من حيث إنّ الطلاق لا ينسب إليهم إلا بمجاز بعيد ، وهو أن جعل تسبّبهم في الطلاق طلاقا. وقيل : الخطاب فيهما للأزواج ونسب العضل إليهم ، لأنهم كذلك كانوا يفعلون ، يطلّقون ويأبون أن تتزوج المرأة بعدهم ظلما وقهرا.
قوله : (أَزْواجَهُنَ) مجاز لأنه إن أريد المطلّقون فتسميتهم بذلك اعتبارا بما كانوا عليه ، وإن أريد بهم غيرهم ممّن يردن تزويجهم ، فباعتبار ما يؤولون إليه. والفاء في فلا تعضلوهنّ جواب «إذا».
والعضل قيل : المنع ، ومنه : «عضل أمته» منعها من التزوّج يعضلها بكسر العين وضمّها ، قال ابن هرمز :
٩٨٨ ـ وإنّ قصائدي لك فاصطنعني |
|
كرائم قد عضلن عن النّكاح (١) |
وقال :
٩٨٩ ـ ونحن عضلنا بالرّماح نساءنا |
|
وما فيكم عن حرمة الله عاضل (٢) |
ومنه : «دجاجة معضل» أي : احتبس بيضها. وقيل : أصله الضيق ، قال أوس :
٩٩٠ ـ ترى الأرض منّا بالفضاء مريضة |
|
معضّلة منّا بجيش عرمرم (٣) |
__________________
(١) البيت من شواهد الكشاف (٤ / ٣٥٨).
(٢) البيت من شواهد البحر (٢ / ٢٠٦).
(٣) البيت في ديوانه (١٢١) ، اللسان «مرض».