٩٨٠ ـ ولا تدفننّي في الفلاة فإنّني |
|
أخاف إذا ما متّ ألّا أذوقها (١) |
ولذلك رفع الفعل بعد أن ، وهذا لا يصحّ في الآية لظهور النصب. وأما البيت فالمشهور في روايته «فقلت لهم ظنّوا بألفي».
والثالث : الظنّ ، قاله الفراء ، ويؤيّده قراءة أبيّ : «إلّا أن يظنّا» وأنشد :
٩٨١ ـ أتاني كلام من نصيب يقوله |
|
وما خفت يا سلّام أنّك عائبي (٢) |
وعلى هذين الوجهين فتكون «أن» وما في حيّزها سادة مسدّ المفعولين عند سيبويه ومسدّ الأول والثاني محذوف عند الأخفش كما تقدّم تقريره غير مرة (٣) ، والأول هو الصحيح ، وذلك أنّ «خاف» من أفعال التوقع ، وقد يميل فيه الظنّ إلى أحد الجائزين ، ولذلك قال الراغب : «الخوف يقال لما فيه رجاء ما ، ولذلك لا يقال : خفت ألّا أقدر على طلوع السماء أو نسف الجبال».
وأصل يقيما : يقوما ، فنقلت كسرة الواو إلى الساكن قبلها ، ثم قلبت الواو ياء لسكونها بعد كسرة ، وقد تقدّم تقريره في قوله : (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(٤) وزعم بعضهم أنّ قوله : «ولا يحلّ لكم» معترض بين قوله : «الطلاق مرتان» وبين قوله : «فإن طلّقها فلا تحلّ له من بعد» وفيه بعد.
قوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) «لا» واسمها وخبرها. وقوله : (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) متعلّق بالاستقرار الذي تضمّنه الخبر وهو : «عليهما». ولا جائز أن يكون «عليهما» متعلقا ب «جناح» ، و «فيما افتدت» الخبر ، لأنه حينئذ يكون مطوّلا ، والمطوّل معرب ، وهذا ـ كما رأيت ـ مبنيّ.
والضمير في «عليهما» عائد على الزوجين ، أي لا جناح على الزوج فيما أخذ ، ولا على المرأة فيما أعطت. وقال الفراء : «إنّما يعود على الزوج فقط ، وإنما أعاده مثنّى والمراد واحد كقوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ)(٥) (نَسِيا حُوتَهُما)(٦) وقوله :
٩٨٢ ـ فإن تزجراني يا ابن عفّان أنزجر |
|
وإن تدعاني أحم عرضا ممنّعا (٧) |
وإنما يخرج من الملح ، والناسي يوشع وحده ، والمنادى واحد في قوله : «يا ابن عفان». و «ما» بمعنى الذي أو نكرة موصوفة ، ولا جائز أن تكون مصدرية لعود الضمير من «به» عليها ، إلا على رأي من يجعل المصدرية اسما كالأخفش وابن السراج و [من] تابعهما.
قوله : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) مبتدأ وخبر ، والمشار إليه جميع الآيات من قوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) إلى هنا.
__________________
(١) تقدم.
(٢) البيت لأبي الغول الطهوي انظر النوادر (٤٦) ، الطبري (٤ / ٥٥٠) ، البحر (٣ / ٢٤١).
(٣) انظر سورة البقرة ، آية (٢٦).
(٤) سورة الفاتحة ، آية (٥).
(٥) سورة الرحمن ، آية (٢٢).
(٦) سورة الكهف ، آية (٦١).
(٧) البيت لسويد بن كراع انظر الصاحبي (١٨٦) ، شرح شواهد الشافية (٤٨٤).