نصب وتبعه الفراء ، ومذهب الخليل أنها في محلّ جر ، وتبعه الكسائي. وهذا قد تقدّم غير مرة.
وقال غيره كقوله ، إلّا أنّه قدّر حرف الجرّ «على» والتقدير : إلّا أن يخاف الولاة الزوجين على ألّا يقيما ، فبني للمفعول ، فقام ضمير الزوجين مقام الفاعل ، وحذف حرف الجر من «أن» ، فجاء فيه الخلاف المتقدم بين سيبويه والخليل.
وهذا الذي قاله ابن عطية سبقه إليه أبو علي ، إلّا أنه لم ينظّره ب «استغفر».
وقد استشكل هذا القراءة قوم وطعن عليها آخرون ، لا علم لهم بذلك ، فقال النحاس : «لا أعلم في اختيار حمزة أبعد من هذا الحرف ، لأنه لا يوجبه الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى : أمّا الإعراب فلأنّ ابن مسعود قرأ «إلّا أن تخافوا ألّا يقيموا» فهذا إذا ردّ في العربية لما لم يسمّ فاعله كان ينبغي أن يقال : «إلّا أن يخاف». وأمّا اللفظ : فإن كان على لفظ «يخافا» وجب أن يقال : فإن خيف ، وإن كان على لفظ «خفتم» وجب أن يقال : إلّا أن تخافوا. وأمّا المعنى : فأستبعد أن يقال : «ولا يحلّ لكم أن تأخذوا ممّا آتيتموهنّ شيئا إلا أن يخاف غيركم ، ولم يقل تعالى : ولا جناح عليكم أن تأخذوا له منها فدية ، فيكون الخلع إلى السلطان والفرض أنّ الخلع لا يحتاج إلى السلطان».
وقد ردّ الناس على النحاس : أمّا ما ذكره من حيث الإعراب فلا يلزم حمزة ما قرأ به عبد الله. وأمّا من حيث اللفظ فإنه من باب الالتفات كما قدّمته أولا ، ويلزم النحاس أنه كان ينبغي على قراءة غير حمزة أن يقرأ : «فإن خافا» ، وإنّما هو في القراءتين من الالتفات المستحسن في العربية. وأمّا من حيث المعنى فلأنّ الولاة والحكام هم الأصل في رفع التظالم بين الناس وهم الآمرون بالأخذ والإيتاء.
ووجّه الفراء قراءة حمزة بأنه اعتبر قراءة عبد الله «إلا أن تخافوا». وخطّأه الفارسي وقال : «لم يصب ، لأنّ الخوف في قراءة عبد الله واقع على «أن» ، وفي قراءة حمزة واقع على الرجل والمرأة». وهذا الذي خطّأ به القرّاء ليس بشيء ، لأنّ معنى قراءة عبد الله : إلّا أن تخافوهما ، أي الأولياء الزوجين ألّا يقيما ، فالخوف واقع على «أن» وكذلك هي في قراءة حمزة : الخوف واقع عليها أيضا بأحد الطريقين المتقدّمين : إما على كونها بدلا من ضمير الزوجين كما تقدّم تقريره ، وإمّا على حذف حرف الجرّ وهو «على».
والخوف هنا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه على بابه من الحذر والخشية ، فتكون «أن» في قراءة غير حمزة في محلّ جرّ أو نصب على حسب الخلاف فيها بعد حذف حرف الجرّ ، إذ الأصل : من ألّا يقيما ، أو في محلّ نصب فقط على تعدية الفعل إليها بنفسه كأنه قيل : إلّا أن يحذرا عدم إقامة حدود الله.
والثاني : أنه بمعنى العلم وهو قول أبي عبيدة ، وأنشد :
٩٧٩ ـ فقلت لهم خافوا بألفي مدجّج |
|
سراتهم في الفارسيّ المسرّد (١) |
ومنه أيضا :
__________________
(١) تقدم.