نصب ، وعلى الثاني هو في محلّ رفع.
قوله : (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فيه وجهان :
أظهرهما : أنّ «للرجال» خبر مقدّم و «درجة» مبتدأ مؤخر ، و «عليهنّ» فيه وجهان على هذا التقدير : إمّا التعلّق بما تعلّق به «للرجال».
وإمّا التعلق بمحذوف على أنه حال من «درجة» مقدّما عليها لأنه كان صفة في الأصل فلمّا قدّم انتصب حالا.
والثاني : أن يكون «عليهنّ» هو الخبر ، و «للرجال» حال من «درجة» لأنه يجوز أن يكون صفة لها في الأصل ، ولكنّ هذا ضعيف من حيث إنه يلزم تقديم الحال على عاملها المعنوي لأنّ «عليهنّ» حينئذ هو العامل فيها لوقوعه خبرا. على أنّ بعضهم قال : متى كانت الحال نفسها ظرفا أو جارا ومجرورا قوي تقديمها على عاملها المعنويّ ، وهذا من ذاك ، هذا معنى قول أبي البقاء.
وقد ردّه الشيخ (١) بأنّ هذه الحال قد تقدّمت على جزأي الجملة فهي نظير : «قائما في الدار زيد» ، قال : «وهذا ممنوع لا ضعيف ، كما زعم بعضهم ، وجعل محلّ الخلاف فيما إذا لم تتقدّم الحال ـ العامل فيها المعنى ـ على جزأي الجملة ، بل تتوسّط نحو : «زيد قائما في الدار» ، قال : «فأبو الحسن يجيزها وغيره يمنعها».
(الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(٢٢٩)
قوله تعالى : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) : مبتدأ وخبر ، والطلاق يجوز أن يكون مصدر طلقت المرأة طلاقا ، وأن يكون اسم مصدر وهو التطليق كالسلام بمعنى التسليم. ولا بد من حذف مضاف قبل المبتدأ ليكون المبتدأ عين الخبر ، والتقدير : عدد الطلاق المشروع فيه الرّجعة مرتان.
والتثنية في «مرّتان» حقيقة يراد بها شفع الواحد. وقال الزمخشري : «إنها من باب التثنية التي يراد بها التكرير ، وجعلها مثل : لبّيك وسعديك وهذا ذيك».
وردّ عليه الشيخ (٢) ذلك «بأنه مناقض في الظاهر لما قاله أولا وبأنه مخالف للحكم في نفس الأمر ، أمّا المناقضة فإنه قال : الطلاق مرتان ، أي : الطلاق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الإرسال دفعة واحدة ، فقوله هذا ظاهر في التثنية الحقيقية. وأمّا المخالفة فلأنه لا يراد أن الطلاق المشروع يقع ثلاث مرات فأكثر ، بل مرتين فقط ، ويدلّ عليه قوله بعد ذلك : «فإمساك» أي بالرّجعة من الطّلقة الثانية ، «أو تسريح» أي : بالطلقة الثالثة ، ولذلك جاء بعده «فإن طلّقها». انتهى ما ردّ به عليه ، والزمخشري إنما قال ذلك لأجل معنى ذكره ، فينظر كلامه في
__________________
(١) انظر البحر المحيط (٢ / ١٩٠).
(٢) انظر البحر المحيط (٢ / ١٩٣).