«الكشاف» ، فإنه صحيح.
والألف واللام في «الطلاق» قيل : هي للعهد المدلول عليه بقوله : «وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ» وقيل : هي للاستغراق ، وهذا على قولنا : إن هذه الجملة مقطعة ممّا قبلها ولا تعلّق لها بها.
قوله : (فَإِمْساكٌ) في الفاء وجهان :
أحدهما : أنها للتعقيب ، أي : بعد أن عرّف حكم الطلاق الشرعي أنه مرتان ، فيترتب عليه أحد هذين الشيئين.
والثاني : أن تكون جواب شرط مقدر تقديره : فإن أوقع الطّلقتين وردّ الزوجة فإمساك.
وارتفاع «إمساك» على أحد ثلاثة أوجه :
إمّا مبتدأ وخبره محذوف متقدما ، تقديره عند بعضهم : فعليكم إمساك ، وقدّره ابن عطية متأخرا ، تقديره : فإمساك أمثل أو أحسن.
والثاني : أن يكون خبر مبتدإ محذوف ، أي : فالواجب إمساك.
والثالث : أن يكون فاعل فعل محذوف أي : فليكن إمساك بمعروف.
قوله : (بِمَعْرُوفٍ) و «بإحسان» في هذه الباء قولان :
أحدهما : أنها متعلقة بنفس المصدر الذي يليه. ويكون معناها الإلصاق.
والثاني : أن تتعلّق بمحذوف على أنها صفة لما قبلها ، فتكون في محلّ رفع أي : فإمساك كائن بمعروف أو تسريح كائن بإحسان.
والتسريح : الإرسال والإطلاق ، ومنه قيل للماشية : سرح ، وناقة سرح ، أي : سهلة السير لاسترسالها فيه. قالوا : ويجوز في العربية نصب «فإمساك» و «تسريح» على المصدر ، أي : فأمسكوهنّ إمساكا بمعروف أو سرّحوهنّ تسريحا بإحسان ، إلا أنه لم يقرأ به أحد.
قوله : (أَنْ تَأْخُذُوا) أن وما في حيّزها في محلّ رفع على أنه فاعل يحلّ ، أي : ولا يحلّ لكم أخذ شيء ممّا آتيتموهنّ. و «ممّا» فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلّق بنفس «تأخذوا» ، و «من» على هذا لابتداء الغاية.
والثاني : أن يتعلّق بمحذوف على أنه حال من «شيئا» قدّمت عليه ، لأنها لو تأخّرت عنه لكانت وصفا. و «من» على هذا للتبعيض. و «ما» موصولة ، والعائد محذوف ، تقديره : من الذي آتيتموهنّ إياه. وقد تقدّم الإشكال والجواب في حذف العائد المنصوب المنفصل عند قوله تعالى (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)(١) ، وهذا مثله فليلتفت إليه.
__________________
(١) سورة البقرة ، آية (٣).