وأبي زيد ، وقيل : «إن» بمعنى إذ وهو ضعيف.
قوله : (وَبُعُولَتُهُنَ) الجمهور على رفع تاء بعولتهن ، وسكنها مسلمة (١) بن محارب ، وذلك لتوالي الحركات فخفّف ، ونظيره قراءة : (وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)(٢) بسكون اللام حكاها أبو زيد ، وحكى أبو عمرو أنّ لغة تميم تسكين المرفوع من «يعلّمهم» ونحوه ، وقيل : أجرى ذلك مجرى عضد وعجز ، تشبيها للمنفصل بالمتصل. وقد تقدّم ذلك بأشبع من هذا.
و (أَحَقُ) خبر عن «بعولتهنّ» وهو بمعنى حقيقون ، إذ لا معنى للتفضيل هنا ، فإنّ غير الأزواج لا حقّ لهنّ فيهن البتة ، ولا حقّ أيضا للنساء في ذلك ، حتى لو أبت هي الرّجعة لم يعتدّ بذلك فلذلك قلت : إنّ «أحقّ» هنا لا تفضيل فيه.
والبعولة : جمع «بعل» وهو زوج المرأة ... ، قالوا : وسمّي بذلك ... المستعلي على ... ولما علا من الأرض ... فشرب بعروقه : بعل ، ويقال : بعل الرجل يبعل كمنع يمنع. والتاء في بعولة لتأنيث الجمع نحو فحولة وذكورة ، ولا ينقاس هذا لو قلت : كعب وكعوبة لم يجز. والبعولة أيضا مصدر بعل الرجل بعولة وبعالا ، وامرأة حسنة التّبعّل ، وباعلها كناية عن الجماع.
قوله : (بِرَدِّهِنَ) متعلّق بأحقّ. وأمّا «في ذلك» ففيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلق أيضا بأحقّ ، ويكون المشار إليه بذلك على هذا العدّة ، أي تستحق رجعتها ما دامت في العدّة ، وليس المعنى أنه أحقّ أن يردّها في العدّة ، وإنما يردّها في النكاح أو إلى النكاح.
والثاني : أن تتعلّق بالردّ ويكون المشار إليه بذلك على هذا النكاح ، قاله أبو البقاء.
والضمير في «بعولتهنّ» عائد على بعض المطلقات وهنّ الرّجعيّات خاصة.
وقال الشيخ (٣) : «والأولى عندي أن يكون على حذف مضاف دلّ عليه الحكم ، أي : وبعولة رجعياتهنّ» فعلى ما قاله الشيخ يعود الضمير على جميع المطلقات.
قوله : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ) خبر مقدّم فهو متعلق بمحذوف ، وعلى مذهب الأخفش من باب الفعل والفاعل. وهذا من بديع الكلامه ، وذلك أنه قد حذف من أوّله شيء أثبت في آخره نظيره ، وحذف من آخره شيء أثبت نظيره في الأول ، وأصل التركيب : ولهنّ على أزواجهنّ مثل الذي لأزواجهنّ عليهنّ ، فحذف «على أزواجهن» لإثبات نظيره وهو «عليهنّ» ، وحذفت «لأزواجهنّ» لإثبات نظيره وهو «لهنّ».
قوله : (بِالْمَعْرُوفِ) فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلّق بما تعلّق به «لهنّ» من الاستقرار أي : استقرّ لهن بالمعروف.
والثاني : أن يتعلّق بمحذوف على أنه صفة لمثل ، لأنّ «مثل» لا يتعرّف بالإضافة ، فعلى الأول هو في محلّ
__________________
(١) مسلمة بن محارب بن دثار انظر غاية النهاية (٢ / ٢٩٨).
(٢) سورة الزخرف ، آية (٨٠).
(٣) انظر البحر المحيط (٢ / ١٨٨).