والثاني : أنه أضيف الحدث إلى الظرف من غير اتّساع ، فتكون الإضافة بمعنى «في» وهو مذهب كوفي ، والفاعل محذوف تقديره : تربّصهم أربعة أشهر.
قوله : (فاؤُ) ألف «فاء» منقلبة عن ياء لقولهم : فاء يفيء فيئة : رجع. والفيء : الظلّ لرجوعه من بعد الزوال. وقال علقمة :
٩٧٢ ـ فقلت لها فيئي فما تستفزّني |
|
ذوات العيون والبنان المخضّب (١) |
(وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢٢٨)
قوله تعالى : (عَزَمُوا الطَّلاقَ) : في نصب «الطلاق» وجهان :
أحدهما : أنه على إسقاط الخافض ، لأنّ «عزم» يتعدّى ب «على» ، قال :
٩٧٣ ـ عزمت على إقامة ذي صباح |
|
لأمر ما يسوّد من يسود (٢) |
والثاني : أن تضمّن «عزم» معنى نوى ، فينتصب مفعولا به.
والعزم : عقد القلب وتصميمه : عزم يعزم عزما وعزما بالفتحة والضمة ، وعزيمة وعزاما بالكسر. ويستعمل بمعنى القسم : عزمت عليك لتفعلنّ.
والطلاق : إحلال العقد ، يقال : طلقت بفتح اللام ـ تطلق فهي طالق وطالقة ، قال الأعشى :
٩٧٤ ـ أيا جارتا بيني فإنّك طالقه |
|
............... (٣) |
وحكى ثعلب : «طلقت» بالضم ، وأنكره الأخفش ، والطلاق يجوز أن يكون مصدرا أو اسم مصدر وهو التطليق.
قوله : (فَإِنَّ اللهَ) ظاهره أنّه جواب الشرط.
وقال الشيخ (٤) : «ويظهر أنّه محذوف ، أي : فليوقعوه. وقرأ عبد الله : «فإن فاؤوا فيهنّ» وقرأ أبيّ «فيها» ، والضمير للأشهر.
وقراءة الجمهور ظاهرها أنّ الفيئة والطلاق إنما تكون بعد مضيّ أربعة الأشهر ، إلّا أنّ الزمخشريّ لمّا كان يرى
__________________
(١) انظر ديوانه (٨٣) ، البحر المحيط (٢ / ١٧٥).
(٢) البيت لأنس بن مدركة انظر أمالي ابن الشجري (١ / ١٨٦) ، المقتضب (٤ / ٤٣٥) ، شرح المفصل لابن يعيش (٣ / ١٢) ، الدرر (١ / ١٦٨).
(٣) انظر ديوانه (٢٦٣) ، الإنصاف (٧٦٠) ، المخصص (٣ / ٤٨) ، القرطبي (٣ / ١١٠).
(٤) انظر البحر المحيط (٢ / ١٨٣).