تعالى : (هذا كِتابُنا
يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) ، ونسبة القضاء إليه في قوله :
٩٢٥ ـ ضربت
عليك العنكبوت بنسجها
|
|
وقضى عليك به
الكتاب المنزّل
|
ووجه المجاز
أنّ الحكم فيه فنسب إليه.
والثالث : أنه
يعود على النبي ، وهذا استضعفه الشيخ من حيث إفراد الضمير ، إذ كان ينبغي على هذا أن يجمع
ليطابق «النبيين». ثم قال : «وما قاله جائز على أن يعود الضمير على إفراد الجمع
على معنى : ليحكم كلّ نبي بكتابه. و «بين» متعلق ب «يحكم». والظرفية هنا مجاز.
وكذلك «فيما اختلفوا» متعلق به أيضا. و «ما» موصولة ، والمراد بها الدين ، أي :
ليحكم الله بين الناس في الدّين ، بعد أن كانوا متفقين عليه. ويضعف أن يراد ب «ما»
النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، لأنها لغير العقلاء غالبا. و «فيه» متعلّق ب «اختلفوا»
، والضمير عائد على «ما» الموصولة.
قوله : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ) الضمير في «فيه» فيه أوجه :
أظهرها : أنه
عائد على «ما» الموصولة أيضا ، وكذلك الضمير في «أوتوه».
وقيل : يعودان
على الكتاب ، أي : وما اختلف في الكتاب إلا الذين أوتوا الكتاب.
وقيل : يعودان
على النبيّ قاله الزجاج. أي : وما اختلف في النبيّ إلا الذين أوتوا علم نبوته.
وقيل : يعود على عيسى للدلالة عليه.
قوله : (مِنْ بَعْدِ) فيه وجهان :
أحدهما : وهو
الصحيح ، أن يتعلّق بمحذوف تقديره : اختلفوا فيه من بعد.
والثاني : أنه
متعلّق ب «اختلف» الملفوظ به ، قال أبو البقاء : ولا تمنع «إلّا» من ذلك ، كما
تقول : «ما قام إلا زيد يوم الجمعة». وهذا الذي أجازه أبو البقاء للنحاة فيه كلام
كثير. وملخّصه أن «إلا» لا يستثنى بها شيئان دون عطف أو بدلية ، وذلك أنّ «إلّا»
معدّية للفعل ، ولذلك جاز تعلّق ما بعدها بما قبلها ، فهي كواو مع وهمزة التعدية ،
فكما أن واو «مع» وهمزة التعدية لا يعدّيان الفعل لأكثر من واحد ، إلّا مع العطف ،
أو البدلية كذلك «إلا». وهذا هو الصحيح ، وإن كان بعضهم خالف. فإن ورد من لسانهم
ما يوهم جواز ذلك يؤوّل. فمنه قوله : (وَما أَرْسَلْنا
قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي) ثم قال : «بالبينات» ، فظاهر هذا أن «بالبينات» متعلق
بأرسلنا ، فقد استثني ب «إلا» شيئان ، أحدهما «رجالا» والآخر «بالبينات». وتأويله
أنّ «بالبينات» متعلّق بمحذوف لئلا يلزم منه ذلك المحذور. وقد منع أبو الحسن وأبو
علي : «ما أخذ أحد إلا زيد درهما» و «ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا». واختلفا في
تصحيحها فقال أبو الحسن : «طريق تصحيحها بأن تقدّم المرفوع الذي بعد «إلّا» عليها
، فيقال : ما أخذ أحد زيد إلا درهما ، فيكون «زيد» بدلا من «أحد» و «درهما» مستثنى
مفرغ من ذلك المحذوف ، تقديره : ما أخذ أحد زيد شيئا إلا درهما». وقال أبو علي : «طريق
ذلك زيادة منصوب درهما» فيكون المرفوع بدلا من المرفوع ، والمنصوب بدلا من
__________________