الرابع : أن يكون حالا من «الملائكة» مقدّما عليها ، والأصل : إلّا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل ، ويؤيّد هذا قراءة عبد الله إياه كذلك ، وبهذا أيضا يقلّ المجاز ، فإنّه والحالة هذه لم يسند إلى الله تعالى إلا الإتيان فقط بالمجاز المتقدّم.
وقرأ أبيّ وقتادة والضحاك : في ظلال ، وفيها وجهان :
أحدهما : أنّها جمع ظلّ نحو : صلّ وصلال.
والثاني : أنها جمع ظلّة كقلّة وقلال ، وخلّة وخلال ، إلّا أنّ فعالا لا ينقاس في فعلة.
قوله : (مِنَ الْغَمامِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلق بمحذوف ؛ لأنه صفة ل «ظلل» التقدير : ظلل كائنة من الغمام. و «من» على هذا للتبعيض.
والثاني : أنها متعلقة ب «يأتيهم» ، وهي على هذا لابتداء الغاية ، أي : من ناحية الغمام.
والجمهور : «الملائكة» رفعا عطفا على اسم «الله». وقرأ الحسن وأبو جعفر : «والملائكة» جرا وفيه وجهان :
أحدهما : الجر عطفا على «ظلل» ، أي : إلا أن يأتيهم في ظلل وفي الملائكة.
والثاني : الجر عطفا على «الغمام» أي : من الغمام ومن الملائكة ، فتوصف الملائكة بكونها ظللا على التشبيه.
قوله : (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) الجمهور على «قضي» فعلا ماضيا مبنيا للمفعول وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون معطوفا على «يأتيهم» وهو داخل في حيّز الانتظار ، ويكون ذلك من وضع الماضي موضع المستقبل ، والأصل : ويقضى الأمر ، وإنما جيء به كذلك لأنه محقق كقوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ)(١). والثاني : أن يكون جملة مستأنفة برأسها ، أخبر الله تعالى بأنه قد فرغ من أمرهم ، فهو من عطف الجمل وليس داخلا في حيّز الانتظار. وقرأ معاذ بن جبل (٢) «وقضاء الأمر» قال الزمخشري : «على المصدر المرفوع عطفا على الملائكة». وقال غيره : بالمدّ والخفض عطفا على «الملائكة» قيل : «وتكون على هذا «في» بمعنى الباء» أي : بظلل وبالملائكة وبقضاء الأمر ، فيكون عن معاذ قراءتان في الملائكة : الرفع والخفض ، فنشأ عنهما قراءتان له في قوله : «وقضي الأمر».
قوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) هذا الجار متعلّق بما بعده ، وإنما قدّم للاختصاص ، أي : لا ترجع إلا إليه
__________________
(١) سورة النحل ، آية (١٠).
(٢) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن صحابي جليل كان أعلم الأمة بالحلال والحرام وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم وتوفي سنة ١٨ ه ابن سعد (٣ / ١٢٠) ، الإصابة (٨٠٣٩) ، أسد الغابة (٤ / ٣٧٦) ، حلية الأولياء (١ / ٢٢٨) ، غاية النهاية (٢ / ٣٠١).