٩١٥ ـ وهل أنا إلّا من غزيّة إن غوت |
|
غويت وإن ترشد غزيّة أرشد (١) |
أي : ما ينظرون ، وما أنا ، ولذلك وقع بعدها «إلّا» كما تقع بعد «ما».
و «ينظرون» هنا بمعنى ينتظرون ، وهو معدّى بنفسه ، قال امرؤ القيس :
٩١٦ ـ فإنّكما إن تنظراني ساعة |
|
من الدّهر ينفعني لدى أمّ جندب (٢) |
وليس المراد هنا بالنظر تردّد العين ، لأنّ المعنى ليس عليه. واستدلّ بعضهم على ذلك بأن النظر بمعنى البصر يتعدّى بإلى ، ويضاف إلى الوجه ، وفي الآية الكريمة متعدّ بنفسه ، وليس مضافا إلى الوجه ، ويعني بإضافته إلى الوجه قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(٣) فيكون بمعنى الانتظار. وهذا ليس بشيء. أمّا قوله : «إنّ الذي بمعنى البصر يتعدّى بإلى فمسلّم ، قوله : «وهو هنا متعدّ بنفسه» ممنوع ، إذ يحتمل أن يكون حرف الجر وهو «إلى» محذوفا ، لأنه يطّرد حذفه مع «أن» و «أنّ» ، إذا لم يكن لبس ، وأمّا قوله : «يضاف إلى الوجه» فممنوع أيضا ، إذ قد جاء مضافا للذات. قال تعالى : (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ)(٤) (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ)(٥). والضمير في «ينظرون» عائد على المخاطبين بقوله : (زَلَلْتُمْ) فهو التفات.
قوله : (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ) هذا مفعول «ينظرون» وهو استثناء مفرّغ أي : ما ينظرون إلا إتيان الله.
قوله : (فِي ظُلَلٍ) فيه أربعة أوجه :
أحدها : أن يتعلّق ب «يأتيهم» ، والمعنى : يأتيهم أمره أو قدرته أو عقابه أو نحو ذلك ، أو يكون كناية عن الانتقام ؛ إذ الإتيان يمتنع إسناده إلى الله تعالى حقيقة.
والثاني : أن يتعلّق بمحذوف على أنه حال ، وفي صاحبها وجهان :
أحدهما : هو مفعول يأتيهم ، أي : في حال كونهم مستقرين في ظلل وهذا حقيقة.
والثاني : أنه الله تعالى بالمجاز المتقدّم ، أي : أمر الله في حال كونه مستقرا في ظلل.
الثالث : أن تكون «في» بمعنى الباء ، وهو متعلق بالإتيان ، أي : إلّا أن يأتيهم بظلل. ومن مجيء «في» بمعنى الباء قوله :
٩١٧ ـ ............... |
|
خبيرون في طعن الكلى والأباهر (٦) |
لأنّ «خبيرين» إنّما يتعدّى بالباء كقوله :
٩١٨ ـ ............... |
|
خبير بأدواء النّساء طبيب (٧) |
__________________
(١) البيت لدريد بن الصمة انظر الحماسة (١ / ٣٩٧) ، الأصمعيات (١٠٧) ، الخزانة (٤ / ٥١٣) ، البحر (٢ / ١٢٤).
(٢) تقدم.
(٣) سورة القيامة ، آية (٢٣).
(٤) سورة الأعراف ، آية (١٤٣).
(٥) سورة الغاشية ، آية (١٧).
(٦) تقدم.
(٧) تقدم.