وحكوا : «بنو فلان سلم وسلم» ، وأصله من الاستسلام وهو الانقياد ، ويطلق
على الإسلام ، قاله الكسائي وجماعة ، وأنشدوا :
٩١٠ ـ دعوت
عشيرتي للسّلم لمّا
|
|
رأيتهم
تولّوا مدبرينا
|
ينشد بالكسر ،
وقال آخر في المفتوح :
٩١١ ـ شرائع
السّلم قد بانت معالمها
|
|
فما يرى
الكفر إلّا من به خبل
|
فالسّلم
والسّلم في هذين البيتين بمعنى الإسلام ، إلّا أنّ الفتح فيما هو بمعنى الإسلام
قليل. وقرئ «السّلم» بفتحهما. وقيل : بل هما مختلفا المعنى : فبالكسر الإسلام وبالفتح
الصلح.
قوله : (كَافَّةً) منصوب على الحال ، وفي صاحبها ثلاثة أقوال :
أحدها : وهو
الأظهر أنه الفاعل في «ادخلوا» والمعنى : ادخلوا السّلم جميعا. وهذه حال تؤكّد
معنى العموم ، فإنّ قولك : «قام القوم كافة» بمنزلة : قاموا كلّهم.
والثاني : أنه «السّلم»
، قاله الزمخشري وأبو البقاء ، قال الزمخشري : «ويجوز أن تكون «كافة» حالا من
السّلم» لأنها تؤنّث كما تؤنّث الحرب ، قال الشاعر :
٩١٢ ـ السّلم
تأخذ منها ما رضيت به
|
|
والحرب يكفيك
من أنفاسها جرع
|
على أنّ
المؤمنين أمروا أن يدخلوا في الطاعات كلّها ، ولا يدخلوا في طاعة دون طاعة.
قال الشيخ : «تعليله
كون «كافة» حالا من «السّلم» بقوله : «لأنها تؤنّث كما تؤنّث الحرب» ليس بشيء لأنّ
التاء في «كافة» ليست للتأنيث ، وإن كان أصلها أن تدلّ عليه ، بل صار هذا نقلا
محضا إلى معنى جميع وكل ، كما صار قاطبة وعامّة إذا كان حالا نقلا محضا. فإذا قلت
: «قام الناس كافة وقاطبة» لم يدلّ شيء من ذلك على التأنيث ، كما لا يدلّ عليه «كلّ»
و «جميع».
والثالث : أن
يكون صاحب الحال هما جميعا ، أعني فاعل «ادخلوا» و «السّلم» فتكون حالا من شيئين. وهذا
ما أجازه ابن عطية فإنه قال : «وتستغرق «كافة» حينئذ المؤمنين وجميع أجزاء الشرع ،
فتكون الحال من شيئين ، وذلك جائز نحو قوله : (فَأَتَتْ بِهِ
قَوْمَها تَحْمِلُهُ). ثم قال بعد كلام : «وكافة معناه جميعا ، فالمراد
بالكافة الجماعة التي تكفّ مخالفيها».
وقوله : «نحو
قوله : تحمله» يعني أنّ «تحمله» حال من فاعل «أتت» ومن الهاء في «به».
__________________