قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون [ ج ١ ]

    الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون

    الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون [ ج ١ ]

    تحمیل

    الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون [ ج ١ ]

    510/703
    *

    وحكوا : «بنو فلان سلم وسلم» ، وأصله من الاستسلام وهو الانقياد ، ويطلق على الإسلام ، قاله الكسائي وجماعة ، وأنشدوا :

    ٩١٠ ـ دعوت عشيرتي للسّلم لمّا

    رأيتهم تولّوا مدبرينا (١)

    ينشد بالكسر ، وقال آخر في المفتوح :

    ٩١١ ـ شرائع السّلم قد بانت معالمها

    فما يرى الكفر إلّا من به خبل (٢)

    فالسّلم والسّلم في هذين البيتين بمعنى الإسلام ، إلّا أنّ الفتح فيما هو بمعنى الإسلام قليل. وقرئ (٣) «السّلم» بفتحهما. وقيل : بل هما مختلفا المعنى : فبالكسر الإسلام وبالفتح الصلح.

    قوله : (كَافَّةً) منصوب على الحال ، وفي صاحبها ثلاثة أقوال :

    أحدها : وهو الأظهر أنه الفاعل في «ادخلوا» والمعنى : ادخلوا السّلم جميعا. وهذه حال تؤكّد معنى العموم ، فإنّ قولك : «قام القوم كافة» بمنزلة : قاموا كلّهم.

    والثاني : أنه «السّلم» ، قاله الزمخشري وأبو البقاء ، قال الزمخشري : «ويجوز أن تكون «كافة» حالا من السّلم» لأنها تؤنّث كما تؤنّث الحرب ، قال الشاعر :

    ٩١٢ ـ السّلم تأخذ منها ما رضيت به

    والحرب يكفيك من أنفاسها جرع (٤)

    على أنّ المؤمنين أمروا أن يدخلوا في الطاعات كلّها ، ولا يدخلوا في طاعة دون طاعة.

    قال الشيخ : «تعليله كون «كافة» حالا من «السّلم» بقوله : «لأنها تؤنّث كما تؤنّث الحرب» ليس بشيء لأنّ التاء في «كافة» ليست للتأنيث ، وإن كان أصلها أن تدلّ عليه ، بل صار هذا نقلا محضا إلى معنى جميع وكل ، كما صار قاطبة وعامّة إذا كان حالا نقلا محضا. فإذا قلت : «قام الناس كافة وقاطبة» لم يدلّ شيء من ذلك على التأنيث ، كما لا يدلّ عليه «كلّ» و «جميع».

    والثالث : أن يكون صاحب الحال هما جميعا ، أعني فاعل «ادخلوا» و «السّلم» فتكون حالا من شيئين. وهذا ما أجازه ابن عطية فإنه قال : «وتستغرق «كافة» حينئذ المؤمنين وجميع أجزاء الشرع ، فتكون الحال من شيئين ، وذلك جائز نحو قوله : (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ)(٥). ثم قال بعد كلام : «وكافة معناه جميعا ، فالمراد بالكافة الجماعة التي تكفّ مخالفيها».

    وقوله : «نحو قوله : تحمله» يعني أنّ «تحمله» حال من فاعل «أتت» ومن الهاء في «به».

    __________________

    (١) البيت لأخي كندة ، انظر تفسير الطبري (٤ / ٢٥٣) ، وانظر المؤتلف والمختلف (٩) ، الوحشيات (٧٥) ، ويروى لامرئ القيس :

    دعوت عشيرتي للسلم حتى

    رأيتهم أغاروا مفسدينا

    (٢) البيت في البحر المحيط (٢ / ١٠٩).

    (٣) القرطبي (٣ / ٢٣).

    (٤) البيت للعباس بن مرداس يرد به على خفاف بن ندبه انظر ديوانه (٨٧) ، الخزانة (٢ / ٨٢) ، حاشية يس (٢ / ٢٨٦) ، اصلاح المنطق ٣٠ ، ومعنى البيت : السلم وإن طالت لا يضيرك طولها والحرب يكفيك منها اليسير كما يكفي الظمآن الجرع.

    (٥) سورة مريم ، آية (٣٧).