وهو حذف التنوين تخفيفا وإعرابه بالكسرة نصبا. والثالثة : إعرابه غير منصرف بالفتحة جرا ، وحكاها الكوفيون والأخفش ، وأنشد قول امرئ القيس :
٨٩١ ـ تنوّرتها من أذرعات وأهلها |
|
بيثرب أدنى دارها نظر عالي (١) |
بالفتح.
قوله : (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلّق ب «اذكروا».
والثاني : أن يتعلّق بمحذوف على أنه حال من فاعل «اذكروا» أي : اذكروه كائنين عند المشعر.
قوله : (كَما هَداكُمْ) فيه خمسة أقوال :
أحدها : أن يكون في محلّ نصب على أنّها نعت مصدر محذوف أي : ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة ، وهذا تقدير الزمخشري.
والثاني : أن تكون في محلّ نصب على الحال من ضمير المصدر المقدر ، وهو مذهب سيبويه.
والثالث : أن تكون للتعليل بمعنى اللام ، أي : اذكروه لأجل هدايته إياكم ، حكى سيبويه : «كما أنه لا يعلم فتجاوز الله عنه». وممّن قال بكونها للعلّيّة الأخفش وجماعة.
و «ما» في «كما» يجوز فيها وجهان :
أحدهما : أن تكون مصدرية ، فتكون مع ما بعدها في محلّ جر بالكاف ، أي : كهدايته.
والثاني : ـ وبه قال الزمخشري وابن عطية ـ أن تكون كافة للكاف عن العمل ، فلا يكون للجملة التي بعدها محلّ من الإعراب ، بل إن وقع بعدها اسم رفع على الابتداء كقوله :
٨٩٢ ـ وننصر مولانا ونعلم أنّه |
|
كما النّاس مجزوم عليه وجارم (٢) |
وقال آخر :
٨٩٣ ـ لعمرك إنّني وأبا حميد |
|
كما النّشوان والرّجل الحليم (٣) |
أريد هجاءه وأخاف ربّي |
|
وأعلم أنّه عبد لئيم |
وقد منع صاحب «المستوفى» (٤) كون «ما» كافة للكاف ، وهو محجوج بما تقدّم.
__________________
(١) انظر ديوانه (١٢٤) ، رصف المباني (٣٤٥) ، شرح المفصل لابن يعيش (٩ / ٣٤) ، الدرر (١ / ٥).
(٢) البيت لعمرو بن براقة انظر الهمع (٢ / ٣٨) ، الأشموني (٢ / ٢٣١) ، الدرر (٢ / ٤٢) ، الجني الداني (١٩٤) ، المغني (١ / ٦٥) ، أوضح المسالك (١ / ٣٦٧). المعنى : أن من شيمتنا مساعدة حليفنا على عدوه مع علمنا أنه كغيره من الناس يظلم ويظلم.
(٣) تقدما.
(٤) وهي لعلي بن مسعود بن محمود بن الحكم الفرّخان القاضي كمال الدين أبو سعد انظر البغية (٢ / ٢٠٦).