حصر صدره أي : ضاق ؛ ورجل حصر : لا يبوح بسرّه ، قال جرير :
٨٧٨ ـ ولقد تكنّفني الوشاة فصادفوا |
|
حصرا بسرّك يا أميم حصورا (١) |
والحصير معروف لامتناع بعضه ببعض ، والحصير أيضا الملك كما تقدّم لاحتجابه. قال لبيد :
٨٧٩ ـ ............... |
|
جنّ لدى باب الحصير قيام (٢) |
قوله : (مِنَ الْهَدْيِ) فيه وجهان :
أحدهما : أن تكون «من» تبعيضية ويكون محلّها النصب على الحال من الضمير المستتر في «استيسر» العائد على «ما» أي : حال كونه بعض الهدي.
والثاني : أن تكون «من» لبيان الجنس فتتعلّق بمحذوف أيضا.
وفي الهدي قولان :
أحدهما : أنه جمع هدية كجدي جمع جدية السّرج.
والثاني : أن يكون مصدرا واقعا موقع المفعول أي : المهدى ، ولذلك يقع للأفراد والجمع. قال أبو عمرو بن العلاء : «لا أعرف لهذه اللفظة نظيرا».
وقرأ مجاهد والزهري : «الهديّ» بتشديد الياء ، وفيها وجهان :
أحدهما : أن يكون جمع هديّة كمطيّة ومطايا وركيّة وركايا.
والثاني : أن يكون فعيلا بمعنى مفعول نحو : قتيل بمعنى مقتول.
و (مَحِلَّهُ) يجوز أن يكون ظرف مكان أو زمان ، ولم يقرأ إلّا بكسر الحاء فيما علمت إلّا أنه يجوز لغة فتح حائه إذا كان مكانا. وفرّق الكسائي بينهما ، فقال : «المكسور هو الإحلال من الإحرام ، والمفتوح هو مكان الحلول من الإحصار».
وقيل : (مِنْكُمْ) فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون في محلّ نصب على الحال من «مريضا» ؛ لأنه في الأصل صفة له ، فلمّا قدّم عليه انتصب حالا. وتكون «من» تبعيضية ، أي : فمن كان مريضا منكم.
والثاني : أجازه أبو البقاء أن يكون متعلّقا ب «مريضا».
قال الشيخ (٣) : «وهو لا يكاد يعقل». «ومن» يجوز أن تكون شرطية وأن تكون موصولة.
__________________
(١) البيت في ديوانه (٥٧٨) ، وهو من شواهد البحر (٢ / ٦٠) ، وذكره ابن منظور في اللسان «حصر» ، هكذا :
ولقد تسقّطني الوشاة فصادفوا حصرا بسّرك يا أميم ضنينا
(٢) عجز بيت في ديوانه (٢٩٠) ، وصدره :
............... |
|
ومقامة غلب الرقاب كأنهم |
وهو من شواهد البحر (٢ / ٦٠).
(٣) انظر البحر المحيط (٢ / ٧٥).