قوله : (أَوْ بِهِ أَذىً) يجوز أن يكون هذا من باب عطف المفردات وأن يكون من باب عطف الجمل : أما الأول فيكون «به» هذا الجارّ والمجرور معطوفا على «مريضا» الذي هو خبر كان ، فيكون في محل نصب. ويكون «أذى» مرفوعا به على سبيل الفاعلية ، لأنّ الجارّ إذا اعتمد رفع الفاعل عند الكل ، فيصير التقدير : فمن كان كائنا به أذى من رأسه. وأما الثاني فيكون «به» خبرا مقدّما ، ومحلّه على هذا رفع ، وفي الوجه الأول كان نصبا ، و «أذى» مبتدأ مؤخّر ، وتكون هذه في محلّ نصب لأنها عطف على «مريضا» الواقع خبرا لكان ، فهي وإن كانت جملة لفظا فهي في محلّ مفرد ، إذ المعطوف على المفرد مفرد ، لا يقال : إنه عاد إلى عطف المفردات فيتّحد الوجهان لوضوح الفرق. وأجازوا أن يكون «أذى» معطوفا على إضمار «كان» لدلالة «كان» الأولى عليها ، وفي اسم «كان» المحذوفة حينئذ احتمالان ، أحدهما : أن يكون ضمير «من» المتقدمة ، فيكون «به» خبرا مقدما ، و «أذى» مبتدأ مؤخرا ، والجملة في محلّ نصب خبرا لكان المضمرة. والثاني : أن يكون «أذى» ، و «به» خبرها ، قدّم على اسمها.
وأجاز أبو البقاء أن يكون «أو به أذى» معطوفا على «كان» ، وأعرب «به» خبرا مقدما متعلّقا بالاستقرار ، و «أذى» مبتدأ مؤخرا ، والهاء في «به» عائدة على من. وهذا الذي قاله خطّأه الشيخ (١) فيه ، قال : «لأنه كان قد قدّم أن «من» شرطية ، وعلى هذا التقدير يكون خطأ ، لأن المعطوف على جملة الشرط شرط ، والجملة الشرطية لا تكون إلا فعلية ، وهذه كما ترى جملة اسمية على ما قرّره ، فكيف تكون معطوفة على جملة الشرط التي يجب أن تكون فعلية؟ فإن قيل : فإذا جعلنا «من» موصولة فهل يصحّ ما قاله من كون «به أذى» معطوفا على «كان»؟ فالجواب أنه لا يصحّ أيضا ؛ لأنّ «من» الموصولة إذا ضمّنت معنى اسم الشرط لزم أن تكون صلتها جملة فعلية أو ما هي في قوتها».
والباء في «به» يجوز فيها وجهان :
أحدهما : أن تكون للإلصاق.
والثاني : أن تكون ظرفية.
قوله : (مِنْ رَأْسِهِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنّه في محلّ رفع لأنه صفة لأذى ، أي أذى كائن من رأسه.
والثاني : أن يتعلّق بما يتعلّق «به» من الاستقرار ، وعلى كلا التقديرين تكون «من» لابتداء الغاية.
قوله : (فَفِدْيَةٌ) في رفعها ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون مبتدأ والخبر محذوف ، أي : فعليه فدية.
والثاني : أن تكون خبر مبتدأ محذوف أي : فالجواب عليه فدية.
والثالث : أن يكون فاعل فعل مقدّر أي : فتجب عليه فدية. وقرئ شاذا : «ففدية» نصبا ، وهي على إضمار فعل أي : فليفد فدية. و «من صيام» في محلّ رفع أو نصب على حسب القراءتين صفة ل «فدية» ، فيتعلّق
__________________
(١) انظر البحر المحيط (٢ / ٧٥).