إلى ، وأن مضمرة بعدها في الحالين. و «تكون» هنا تامة و «فتنة» فاعل بها ، وأمّا «ويكون الدين لله» فيجوز أن تكون تامة أيضا ، وهو الظاهر ، ويتعلّق «لله» بها ، وأن تكون ناقصة و «لله» الخبر ، فيتعلّق بمحذوف أي : كائنا لله. و «إلّا على الظالمين» في محلّ رفع خبر «لا» التبرئة ، ويجوز أن يكون خبرها محذوفا تقديره : لا عدوان على أحد ، فيكون «إلا على الظالمين» بدلا على إعادة تكرار العامل. وهذه الجملة وإن كانت بصورة النفي فهي في معنى النهي ، لئلا يلزم الخلف في خبره تعالى ، والعرب إذا بالغت في النهي عن الشيء أبرزته في صورة النفي المحض كأنه ينبغي ألّا يوجد البتة فدلّوا على هذا المعنى بما ذكرت لك ، وعكسه في الإثبات إذا بالغوا في الأمر بالشيء أبرزوه في صورة الخبر نحو : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ)(١) وسيأتي.
قوله تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ) مبتدأ خبره الجارّ بعده ، ولا بدّ من حذف مضاف تقديره : انتهاك حرمة الشهر الحرام بانتهاك حرمة الشهر. والألف واللام في الشهر الأول والثاني للعهد ، لأنهما معلومان عند المخاطبين ، فإنّ الأول ذو القعدة من سنة سبع ، والثاني من سنة ست.
وقرئ : والحرمات بسكون الراء ، ويعزى للحسن ، وقد تقدّم أنّ جمع فعلة بشروطها يجوز فيه ثلاثة أوجه : هذان الاثنان وفتح العين ، عند قوله (فِي ظُلُماتٍ)(٢).
قوله : (فَمَنِ اعْتَدى) يجوز في «من» وجهان :
أحدهما : أن تكون شرطية وهو الظاهر فتكون الفاء جوابا.
والثاني : أن تكون موصولة فتكون الفاء زائدة في الخبر ، وقد تقدّم لذلك نظائر.
قوله : (بِمِثْلِ مَا اعْتَدى) في الباء قولان :
أحدهما : أن تكون غير زائدة ، بل تكون متعلقة باعتدوا ، والمعنى : بعقوبة مثل جناية اعتدائه.
والثاني : أنها زائدة أي : مثل اعتدائه ، فتكون : إمّا نعتا لمصدر محذوف أي : اعتداء مماثلا لاعتدائه ، وإمّا حالا من المصدر المحذوف كما هو مذهب سيبويه أي : فاعتدوا الاعتداء مشبها اعتداءه. و «ما» يجوز أن تكون مصدرية فلا تفتقر إلى عائد ، وأن تكون موصولة فيكون العائد محذوفا ، أي : مثل ما اعتدى عليكم به ، وجاز حذفه لأنّ المضاف إلى الموصول قد جرّ بحرف جرّ به العائد واتّحد المتعلّقان.
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥) وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)(١٩٦)
__________________
(١) سورة البقرة ، آية (٢٣٣).
(٢) سورة البقرة ، آية (١٧).