الثالث : أنّها لام الأمر ، وتكون الواو قد عطفت جملة أمرية على جملة خبريّة ، فعلى هذا يكون من باب عطف الجمل ، وعلى ما قبله يكون من عطف المفردات كما تقدّم تقريره ، وهذا قول ابن عطية ، وضعّفه الشيخ (١) بوجهين ، أحدهما : أنّ أمر المخاطب بالمضارع مع لامه لغة قليلة نحو : لتقم يا زيد ، وقد قرئ شاذا : «فبذلك فلتفرحوا» (٢) بتاء الخطاب. والثاني : أن القرّاء أجمعوا على كسر هذه اللام ، ولو كانت للأمر لجاز فيها الوجهان : الكسر والإسكان كأخواتها.
وقرأ الجمهور «ولتكملوا» مخففا من أكمل ، والهمزة فيه للتعدية. وقرأ أبو بكر بتشديد الميم ، والتضعيف للتعدية أيضا ؛ لأنّ الهمزة والتضعيف يتعاقبان في التعدية غالبا ، والألف واللام في «العدّة» تحتمل وجهين :
أحدهما : أنها للعهد فيكون ذلك راجعا إلى قوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وهذا هو الظاهر.
والثاني : أن تكون للجنس ، ويكون ذلك راجعا إلى شهر رمضان المأمور بصومه ، والمعنى أنكم تأتون ببدل رمضان كاملا في عدّته سواء كان ثلاثين أم تسعة وعشرين. واللام في «ولتكبّروا» كهي في «ولتكملوا» ، فالكلام فيها كالكلام فيها ، إلّا أنّ القول الرابع لا يتأتّى هنا.
قوله : (عَلى ما هَداكُمْ) هذا الجارّ متعلّق ب «تكبّروا». وفي «على» قولان :
أحدهما : أنها على بابها من الاستعلاء ، وإنما تعدّى فعل التكبير بها لتضمّنه معنى الحمد. قال الزمخشري : «كأنّه قيل : ولتكبّروا الله حامدين على ما هداكم».
قال الشيخ (٣) : «وهذا منه تفسير معنى لا إعراب ، إذ لو كان كذلك لكان تعلّق «على» ب «حامدين» التي قدّرها لا ب «تكبّروا» ، وتقدير الإعراب في هذا هو : «ولتحمدوا الله بالتكبير على ما هداكم ، كما قدّره الناس في قوله :
٨٥٥ ـ قد قتل الله زيادا عنّي (٤) |
|
............... |
أي : صرفه بالقتل عني ، وفي قوله :
٨٥٦ ـ ويركب يوم الرّوع منّا فوارس |
|
بصيرون في طعن الكلى والأباهر (٥) |
أي : متحكّمون بالبصيرة في طعن الكلى».
والثاني : أنها بمعنى لام العلّة ، والأول أولى لأنّ المجاز في الحرف ضعيف.
و (ما) في قوله : (عَلى ما هَداكُمْ) فيها وجهان :
أظهرهما : أنها مصدرية ، أي : على هدايته إياكم. والثاني : أنّها بمعنى الذي.
__________________
(١) انظر البحر المحيط (٢ / ٤٣).
(٢) سورة يونس ، آية (٥٨).
(٣) انظر البحر المحيط (٢ / ٤٤).
(٤) تقدم.
(٥) البيت لكعب بن زهير انظر ديوانه (١٣٤) ، وروايته :
مردون طعنا في الأباهر والكلى |
|
............... |
وانظر أمالي ابن الشجري (٢ / ٢٦٨) ، الهمع (٢ / ٣٠) ، الأشموني (٢ / ٢١٩) ، الدرر (٢ / ٢٦).