قائمة الکتاب
إعدادات
الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون [ ج ١ ]
الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون [ ج ١ ]
المؤلف :الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :703
تحمیل
بفطركم في حال العذر اليسر. وفي قوله : (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) تأكيد ، لأنّ قبله «يريد بكم اليسر» وهو كاف عنه. وقرأ أبو جعفر ويحيى بن وثاب وابن هرمز : «اليسر والعسر» بضمّ السين ، واختلف النحاة : هل الضمّ أصل والسكون تخفيف ، أو الأصل السكون والضمّ للإتباع؟ الأول أظهر لأنه المعهود في كلامهم.
قوله : (وَلِتُكْمِلُوا) في هذه اللام ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها زائدة في المفعول به كالتي في قولك : ضربت لزيد ، و «أن» مقدّرة بعدها تقديره : «ويريد أن تكلموا العدّة» أي : تكميل ، فهو معطوف على اليسر. ونحوه قول أبي صخر :
٨٥٤ ـ أريد لأنسى حبّها فكأنّما |
|
تمثّل لي ليلى بكلّ طريق (١) |
وهذا قول ابن عطية والزمخشري وأبي البقاء ، وإنما حسنت زيادة هذه اللام في المفعول ـ وإن كان ذلك إنما يكون إذا كان العامل فرعا أو تقدّم المعمول ـ من حيث إنه لمّا طال الفصل بين الفعل وبين ما عطف على مفعوله ضعف بذلك تعدّيه إليه فعدّي بزيادة اللام قياسا لضعفه بطول الفصل على ضعفه بالتقديم.
الثاني : أنّها لام التعليل وليست بزائدة ، واختلف القائلون بذلك على ستة أوجه :
أحدها : أن يكون بعد الواو فعل محذوف وهو المعلّل تقديره : «ولتكملوا العدّة فعل هذا» ، وهو قول الفراء.
الثاني : ـ وهو قول الزجاج ـ أن تكون معطوفة على علة محذوفة حذف معلولها أيضا تقديره : فعل الله ذلك ليسهّل عليكم ولتكملوا.
الثالث : أن يكون الفعل المعلّل مقدرا بعد هذه العلة تقديره : «ولتكملوا العدّة رخّص لكم في ذلك» ونسبه ابن عطية لبعض الكوفيين.
الرابع : أنّ الواو زائدة تقديره : يريد الله بكم كذا لتكملوا ، وهذا ضعيف جدا.
الخامس : أن يكون الفعل المعلّل مقدرا بعد قوله : (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ، تقديره : شرع ذلك ، قاله الزمخشري ، وهذا نصّ كلامه قال : «شرع ذلك ، يعني جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر وأمر المرخّص له بمراعاة عدّة ما أفطر فيه ومن الترخيص في إباحة الفطر ، فقوله : «ولتكملوا» علّة الأمر بمراعاة العدّة ، و «لتكبّروا» علة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر و «لعلّكم تشكرون» علة الترخيص والتيسير ، وهذا نوع من اللفّ لطيف المسلك ، لا يهتدي إلى تبيّنه إلا النّقّاب من علماء البيان».
السادس : أن تكون الواو عاطفة على علة محذوفة ، التقدير : لتعملوا ما تعملون ولتكلموا ، قاله الزمخشري ، وعلى هذا فالمعلّل هو إرادة التيسير. واختصار هذه الأوجه أن تكون هذه اللام علة لمحذوف : إمّا قبلها وإمّا بعدها ، أو تكون علة للفعل المذكور قبلها وهو «يريد».
__________________
(١) البيت لكثير وهو في ديوانه (١ / ٢٤٨) ، المغني (١ / ٢١٦) ، شواهد المغني (٦٥) ، الكامل (٨٢٣) ، أمالي القالي (٢ / ٦٥) ، البحر (٢ / ٤٢) ، والعمدة لابن رشيق (٢ / ٢٨٨). يقول : إني أجاهد نفسي على نسيان ذكر ليلى ، وصرف قلبي عنها ، ولكن أينما ذهبت ، خيالها وشبحها أمامي متصور ومتمثل.