بفطركم في حال العذر اليسر. وفي قوله : (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ
الْعُسْرَ) تأكيد ، لأنّ قبله «يريد بكم اليسر» وهو كاف عنه. وقرأ
أبو جعفر ويحيى بن وثاب وابن هرمز : «اليسر والعسر» بضمّ السين ، واختلف النحاة :
هل الضمّ أصل والسكون تخفيف ، أو الأصل السكون والضمّ للإتباع؟ الأول أظهر لأنه
المعهود في كلامهم.
قوله : (وَلِتُكْمِلُوا) في هذه اللام ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها
زائدة في المفعول به كالتي في قولك : ضربت لزيد ، و «أن» مقدّرة بعدها تقديره : «ويريد
أن تكلموا العدّة» أي : تكميل ، فهو معطوف على اليسر. ونحوه قول أبي صخر :
٨٥٤ ـ أريد
لأنسى حبّها فكأنّما
|
|
تمثّل لي
ليلى بكلّ طريق
|
وهذا قول ابن
عطية والزمخشري وأبي البقاء ، وإنما حسنت زيادة هذه اللام في المفعول ـ وإن كان
ذلك إنما يكون إذا كان العامل فرعا أو تقدّم المعمول ـ من حيث إنه لمّا طال الفصل
بين الفعل وبين ما عطف على مفعوله ضعف بذلك تعدّيه إليه فعدّي بزيادة اللام قياسا
لضعفه بطول الفصل على ضعفه بالتقديم.
الثاني : أنّها
لام التعليل وليست بزائدة ، واختلف القائلون بذلك على ستة أوجه :
أحدها : أن
يكون بعد الواو فعل محذوف وهو المعلّل تقديره : «ولتكملوا العدّة فعل هذا» ، وهو
قول الفراء.
الثاني : ـ وهو
قول الزجاج ـ أن تكون معطوفة على علة محذوفة حذف معلولها أيضا تقديره : فعل الله
ذلك ليسهّل عليكم ولتكملوا.
الثالث : أن
يكون الفعل المعلّل مقدرا بعد هذه العلة تقديره : «ولتكملوا العدّة رخّص لكم في
ذلك» ونسبه ابن عطية لبعض الكوفيين.
الرابع : أنّ
الواو زائدة تقديره : يريد الله بكم كذا لتكملوا ، وهذا ضعيف جدا.
الخامس : أن
يكون الفعل المعلّل مقدرا بعد قوله : (وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ) ، تقديره : شرع ذلك ، قاله الزمخشري ، وهذا نصّ كلامه
قال : «شرع ذلك ، يعني جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر وأمر المرخّص له
بمراعاة عدّة ما أفطر فيه ومن الترخيص في إباحة الفطر ، فقوله : «ولتكملوا» علّة
الأمر بمراعاة العدّة ، و «لتكبّروا» علة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة
الفطر و «لعلّكم تشكرون» علة الترخيص والتيسير ، وهذا نوع من اللفّ لطيف المسلك ،
لا يهتدي إلى تبيّنه إلا النّقّاب من علماء البيان».
السادس : أن
تكون الواو عاطفة على علة محذوفة ، التقدير : لتعملوا ما تعملون ولتكلموا ، قاله
الزمخشري ، وعلى هذا فالمعلّل هو إرادة التيسير. واختصار هذه الأوجه أن تكون هذه
اللام علة لمحذوف : إمّا قبلها وإمّا بعدها ، أو تكون علة للفعل المذكور قبلها وهو
«يريد».
__________________