عامر التنوين فكسره نحو : (مَحْظُوراً انْظُرْ) ، واختلف عنه في لفظتين : (خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ)(١) ، (بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ)(٢) والمقصود بذلك الجمع بين اللغتين.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)(١٧٥)
قوله تعالى : (مِنَ الْكِتابِ) : في محلّ نصب على الحال ، وفي صاحبها وجهان :
أحدهما : أنه العائد على الموصول ، تقديره : أنزله الله حال كونه من الكتاب ، فالعامل فيه «أنزل».
والثاني : أنه الموصول نفسه ، فالعامل في الحال «يكتمون».
قوله : (وَيَشْتَرُونَ بِهِ) الضمير في «به» يحتمل أن يعود على «ما» الموصولة ، وأن يعود على الكتم المفهوم من قوله : «يكتمون» وأن يعود على الكتاب ، أظهرها أوّلها ، ويكون ذلك على حذف مضاف ، أي : يشترون بكتم ما أنزل.
قوله : (إِلَّا النَّارَ) استثناء مفرغ ؛ لأن قبله عاملا يطلبه ، وهذا من مجاز الكلام ، جعل ما هو سبب للنار نارا كقولهم : «أكل فلان الدم» يريدون الدّية التي بسببها الدم ، قال :
٨٢٤ ـ فلو أنّ حيّا يقبل المال فدية |
|
لسقنا إليه المال كالسّيل مفعما (٣) |
ولكن أبى قوم أصيب أخوهم |
|
رضا العار واختاروا على اللّبن الدّما |
وقال :
٨٢٥ ـ أكلت دما إن لم أرعك بضرّة |
|
بعيدة مهوى القرط طيّبة النّشر (٤) |
وقال :
٨٢٦ ـ يأكلن كلّ ليلة إكافا |
|
............... (٥) |
يريد : ثمن إكاف.
وقوله : (فِي بُطُونِهِمْ) يجوز فيه ثلاثة أوجه :
أظهرها : أن يتعلّق بقوله : «يأكلون» فهو ظرف له. قال أبو البقاء : «وفيه حذف مضاف أي طريق بطونهم ،
__________________
(١) سورة إبراهيم ، آية (٢٦).
(٢) سورة الأعراف ، آية (٤٩).
(٣) البيت في الحماسة (١ / ١٢٥) ، وهو من شواهد البحر (١ / ٤٩٢).
(٤) البيت لعروة الرحال انظر الحماسة (٢ / ٤٦٣) ، الكشاف (١ / ٢١٥).
(٥) البيت من شواهد البحر (١ / ٤٩٢) ، وانظر الكشاف (١ / ٢١٦).