٨١١ ـ بيوم الشّعثمين لقرّ عينا |
|
وكيف لقاء من تحت القبور (١) |
واستدلّ هذا القائل أيضا بأنّ «أنّ» تفتح بعد «لو» كما تفتح بعد ليت في قوله :
٨١٢ ـ يا ليت أنّا ضمّنا سفينه |
|
حتّى يعود البحر كيّنونه (١) |
وههنا فائدة ينبغي أن ينتبه لها وهي : أنّ النحاة قالوا : «كلّ موضع نصب فيه المضارع بإضمار أن بعد الفاء إذا سقطت الفاء جزم إلا في النفي» ، وينبغي أن يزاد هذا الموضع أيضا فيقال : وإلا في جواب التمني ب «لو» ، فإنّه ينصب المضارع فيه بإضمار «أن» بعد الفاء الواقعة جوابا له ، ومع ذلك لو سقطت هذه الفاء لم يجزم.
قال الشيخ (٢) : «والسبب في ذلك أنها محمولة على حرف التمني وهو ليت ، والجزم في جواب ليت إنما هو لتضمّنها معنى الشرط أو لدلالتها على كونه محذوفا على اختلاف القولين فصارت «لو» فرع الفرع ، فضعف ذلك فيها.
قوله : (كَما) الكاف موضعها نصب : إمّا على كونها نعت مصدر محذوف ، أي : تبرّؤا مثل تبرئتهم ، وإمّا على الحال من ضمير المصدر المعرّف المحذوف أي : نتبّرؤه ـ أي التبرؤ ـ مشابها لتبرئتهم ، كما تقدّم تقريره غير مرة. وقال ابن عطية : «الكاف في قوله «كما» في موضع نصب على النعت : إمّا لمصدر أو لحال تقديره : متبرئين كما».
قال الشيخ (٣) : «وأمّا قوله «لحال تقديره متبرئين كما» فغير واضح ، لأنّ «ما» مصدرية فصارت الكاف الداخلة عليها من صفات الأفعال ، ومتبرئين من صفات الأعيان فكيف يوصف بصفات الأفعال» قال : «وأيضا لا حاجة لتقدير هذه الحال ؛ لأنها إذ ذاك تكون حالا مؤكدة ، وهي خلاف الأصل ، وأيضا فالمؤكّد ينافيه الحذف لأنّ التأكيد يقوّيه فالحذف يناقضه».
قوله : (كَذلِكَ يُرِيهِمُ) في هذه الكاف قولان :
أحدهما : أنّ موضعها نصب : إمّا نعت مصدر محذوف ، أو حالا من المصدر المعرّف ، أي : يريهم رؤية كذلك ، أو يحشرهم حشرا كذلك ، أو يجزيهم جزاء كذلك ، أو يريهم الإراءة مشبهة كذلك ونحو هذا.
والثاني : أن يكون موضعها رفعا على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : الأمر كذلك أو حشرهم كذلك قاله أبو البقاء.
قال الشيخ (٤) : «وهو ضعيف لأنه يقتضي زيادة الكاف وحذف مبتدأ ، وكلاهما على خلاف الأصل». والإشارة بذلك إلى إراءتهم تلك الأهوال ، والتقدير : مثل إراءتهم الأهوال يريهم الله أعمالهم حسرات ، وقيل : الإشارة إلى تبرؤ بعضهم من بعض.
والرؤية هنا تحتمل وجهين :
__________________
(١) البيت من شواهد البحر (١ / ٣٧٤) ، الإنصاف (٤٧١) ، اللسان «كون».
(٢) انظر البحر المحيط (١ / ٧٤).
(٣) انظر المصدر السابق.
(٤) انظر البحر المحيط (١ / ٤٧٤).