ووسط الوادي خير موضع فيه قال زهير :
٧٥٧ ـ هم وسط ترضى الأنام بحكمهم |
|
إذا نزلت إحدى اللّيالي بمعظم (١) |
وقوله :
٧٥٨ ـ وكن من النّاس جميعا وسطا (٢) |
|
............... |
وفرق بعضهم بين وسط بالفتح ، ووسط بالتسكين ، فقال : كل موضع صلح فيه لفظ «بين» يقال بالسكون ، وإلا فبالتحريك. فتقول : جلست وسط القوم بالسكون ، وقال الراغب : وسط الشيء ماله طرفان متساويان القدر ، ويقال ذلك في الكمية المتصلة كالجسم الواحد ، فتقول : وسط صلب ، ووسط بالسكون يقال في الكمية المنفصلة كالشيء يفصل بين جسمين ، نحو : «وسط القوم» كذا ، وتحرير القول فيه هو أنه المفتوح في الأصل مصدر ، ولذلك استوى في الوصف به الواحد وغيره المؤنث والمذكر ، والساكن ظرف ، والغالب فيه عدم التصرف ، وقد جاء متمكنا في قول الفرزدق :
٧٥٩ ـ أتته بمجلوم كأنّ جبينه |
|
صلاءة ورس وسطها قد تفلّقا (٣) |
روي برفع الطاء ، والضمير لصلاءة وبفتحها ، والضمير للجائية.
قوله : (لِتَكُونُوا) يجوز في هذه اللام وجهان :
أحدهما : أن تكون لام كي فتفيد العلة.
الثاني : أن تكون لام الصيرورة ، وعلى كلا التقديرين فهي حرف جر ، وبعدها أن مضمرة هي وما بعدها في محل جر ، وأتى بشهداء جمع شهيد الذي يدل على المبالغة دون شاهدين وشهود جمعي شاهد.
وفي «على» قولان :
أحدهما : أنها على بابها وهو الظاهر.
والثاني أنها بمعنى اللام بمعنى : أنكم تنقلون إليهم ما علمتموه من الوحي والدين ، كما نقله الرسول عليهالسلام ، وكذلك القولان في «على» الأخيرة بمعنى أن الشهادة بمعنى التزكية منه عليهالسلام لهم ، وإنما قدم متعلق الشهادة آخرا ، وقدم أولا لوجهين :
أحدهما وهو ما ذكره الزمخشري : أن الغرض في الأول إثبات شهادتهم على الأمم ، وفي الآخر اختصاصهم يكون الرسول شهيد عليهم.
والثاني : أن «شهيدا» أشبه بالفواصل ، والمقاطع من عليكم ، فكان قوله : «شهيدا» تمام الجملة ، ومقطعها
__________________
(١) البيت ليس في ديوانه وهو من شواهد البحر (١ / ٤١٨) ، الطبري (٣ / ١٤٢) ، القرطبي (٢ / ١٠٤).
(٢) البيت من شواهد القرطبي (٢ / ١٠٤).
(٣) البيت في ديوانه (٥٩٦) ، الخصائص (٢ / ٣٦٩) ، النوادر (١٦٣) ، أمالي ابن الشجري (٢ / ٢٥٨) ، الدرر (١ / ١٦٩).