قوله تعالى : (قُولُوا) : في هذا الضمير قولان :
أحدهما : أنه للمؤمنين ، والمراد بالمنزل إليهم القرآن على هذا.
والثاني : أنه يعود على القائلين كونوا هودا أو نصارى ، والمراد بالمنزل إليهم : إما القرآن ، وإما التوراة والإنجيل ، وجملة (آمَنَّا) في محل نصب بقولوا ، وكرر الموصول في قوله : (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ) لاختلاف المنزل إلينا ، والمنزل إليه ، فلو لم يكرر لأوهم أن المنزل إلينا هو المنزل إليه ، ولم يكرر في «عيسى» لأنه لم يخالف شريعة موسى إلا في نزر يسير ، فالذي أوتيه عيسى هو عين ما أوتيه موسى إلا يسيرا ، وقدم المنزل إلينا في الذكر ، وإن كان متأخرا في الإنزال تشريفا له.
والأسباط : جمع سبط ، وهم في ولد يعقوب كالقبائل في ولد إسماعيل ، واشتقاقهم من السبط وهو التتابع سموا بذلك لأنهم أمة متتابعون ، وقيل : هو مقلوب من البسط وقيل : من «السبط» بالتحريك جمع «سبطة» ، وهو الشجر الملتف ، وقيل للحسنين سبطا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لانتشار ذريتهم ، ثم قيل لكل ابن بنت : «سبط».
قوله : (وَما أُوتِيَ مُوسى) يجوز في «ما» وجهان :
أحدهما : أن تكون في محل جر عطفا على المؤمن به ، وهو الظاهر.
والثاني : أنها في محل رفع بالابتداء ، ويكون «وما أوتي النبيون» عطفا عليها ، وفي الخبر وجهان :
أحدهما : أن يكون «من ربهم».
والثاني : أن يكون «لا نفرق» هكذا ذكر الشيخ (١) إلا أن في جعله «لا نفرق» خبرا عن «ما» نظرا لا يخفى من حيث عدم عود الضمير عليها ، ويجوز أن تكون «ما» الأولى عطفا على المجرور ، وما الثانية مبتدأ ، وفي خبرها الوجهان ، وللشيخ أن ينفصل عن عدم عود الضمير بأنه محذوف تقديره : لا نفرق فيه ، وحذف العائد المجرور ب «في» مطرد كما ذكر بعضهم وأنشد :
٧٤٩ ـ فيوم علينا ويوم لنا |
|
ويوم نساء ويوم نسرّ (٢) |
أي : نساء فيه ، ونسر فيه.
قوله : (مِنْ رَبِّهِمْ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو الظاهر أنه في محل نصب ، و «من» لابتداء الغاية ، ويتعلق ب «أوتي» الثانية إن أعدنا الضمير على النبيين فقط دون موسى وعيسى ، أو ب «أوتي» الأولى ، وتكون الثانية تكرارا لسقوطها في آل عمران (٣) إن أعدنا الضمير على موسى وعيسى والنبيين.
الثاني : أن يكون في محل نصب على الحال من العائد على الموصول ، فيتعلق بمحذوف تقديره : وما أوتيه كائنا من ربهم.
__________________
(١) البحر المحيط (١ / ٤٠٨).
(٢) البيت للنمر بن تولب وهو من شواهد الكتاب (١ / ٨٦) ، الهمع (١ / ١٠١) ، الدرر (١ / ٧٦).
(٣) سورة آل عمران ، آية (٨٤).