الصرف ، وفيه دليل على تسمية الجد والعم أبا ، فإن إبراهيم جده ، وإسماعيل عمه ، كما يطلق على الخالة أب ، ومنه : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ)(١) في أحد القولين ، قال بعضهم : وهذا من باب التغليب يعني أنه غلب الأب على غيره ، وفيه نظر ، فإنه قد جاء هذا الإطلاق حيث لا تثنية ولا جمع ، فيغلب فيهما ، قال عليهالسلام : «ردوا علي أبي» يعني العباس.
وأما قراءة أبيك فتحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مفردا غير جمع ، وحينئذ : فإما أن يكون واقعا موقع الجمع أو لا ، فإن كان واقعا موقع الجمع فالكلام في «إبراهيم» وما بعده كالكلام فيه على القراءة المشهورة ، وإن لم يكن واقعا موقعه بل أريد به الإفراد لفظا ومعنى ، فيكون «إبراهيم» وحده على الأوجه الثلاثة المتقدمة ، ويكون إسماعيل وما بعده عطفا على «أبيك». أي : وإله إسماعيل.
الثاني : يكون جمع سلامة بالياء والنون ، وإنما حذفت النون للإضافة ، وقد جاء جمع أب على «أبون» رفعا و «أبين» جرا ونصبا ؛ حكاها سيبويه قال الشاعر :
٧٤٠ ـ فلمّا تبيّن أصواتنا |
|
بكين وفدّيننا بالأبينا (٢) |
ومثله :
٧٤١ ـ فقلنا أسلموا إنّا أبوكم |
|
............... (٣) |
والكلام في إبراهيم وما بعده كالكلام فيه بعد جمع التكسير ، وإسحق علم أعجمي ، ويكون مصدر إسحق ، فلو سمي به مذكر لانصرف والجمع أساحقة وأساحيق.
قوله : (إِلهاً واحِداً) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها أنه بدل من «إلهك» بدل نكرة موصوفة من معرفة ، كقوله : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ)(٤) ، والبصريون لا يشترطون الوصف مستدلين بقوله :
٧٤٢ ـ فلا وأبيك خير منك إنّي |
|
ليؤذيني التّحمحم والصّهيل (٥) |
ف «خير» بدل من «أبيك» ، وهو نكرة غير موصوفة.
__________________
(١) سورة يوسف ، آية (١٠٠).
(٢) البيت لزياد بن واصل السلمي وهو من شواهد الكتاب (٣ / ٤٠٦) ، المحتسب (١ / ١١٢) ، الخصائص (١ / ٣٤٦) ، أمالي ابن الشجري (٢ / ٣٧) ، شرح المفصل لابن يعيش (٣ / ٣٧) ، البحر المحيط (١ / ٤٠٢) ، اللسان «أبى».
(٣) البيت للعباس بن مرداس السلمي من قصيدة له في غزوة حنين يذكر فيها فرار قارب بن الأسود ورواية البيت هكذا :
فقلنا أسلموا إنا أخوكم |
|
وقد برأت من الإحن الصدور |
انظر الديوان ص ٥٢ رقم ١٢ ، والإحن : جمع إحنة وهي العداوة. وهو في السيرة النبوية (٢ / ٤٥١) ، مجاز القرآن لأبي عبيدة (١ / ٧٩) ، (١ / ١٣١) ، والجمهرة لابن دريد (٣ / ٤٨٤) ، سر صناعة الإعراب لابن جني (١ / ٢٥٨) ، وهو في اللسان «أخو» ، القرطبي (٢ / ١٣٩).
(٤) سورة العلق ، آية (١٥).
(٥) البيت لشمير بن الحارث انظر الخزانة (٢ / ٣٦٢) ، النوادر (١٢٤).