والثاني : أنه حال من «إلهك» ، والعامل فيه «نعبد» ، وفائدة البدل والحال التنصيص على أن معبودهم فرد إذ إضافة الشيء إلى كثير توهم تعداد المضاف فنص بها على نفي ذلك الإبهام ، وهذه الحال تسمى «حالا موطئة» ، وهي أن تذكرها ذاتا موصوفة نحو : جاء زيد رجلا صالحا.
الثالث : وإليه نحا الزمخشري : أن يكون منصوبا على الاختصاص ، أي : نريد بإلهك إلها واحدا.
قال الشيخ (١) : وقد نص النحويون على أن المنصوب على الاختصاص لا يكون نكرة ، ولا مبهما.
قوله : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) في هذه الجملة ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها معطوفة على قوله : «نعبد» يعني أنها تتمة جوابهم له فأجابوه بزيادة.
والثاني : أنها حال من فاعل «نعبد» ، والعامل «نعبد».
الثالث : وإليه نحا الزمخشري : ألا يكون لها محل ؛ بل هي جملة اعتراضية مؤكدة ، أي : ومن حالنا أنا له مخلصون.
قال الشيخ (٢) : ونص النحويون على أن جملة الاعتراض هي التي تفيد تقوية في الحكم : إما بين جزئي صلة وموصول كقوله :
٧٤٣ ـ ماذا ـ ولا عتب في المقدور ـ رمت أما |
|
يكفيك بالنجح أم خسر وتضليل (٣) |
وقوله :
٧٤٤ ـ ذاك الّذي ـ وأبيك ـ يعرف مالكا |
|
والحقّ يدفع ترّهات الباطل (٤) |
أو بين مسند ومسند إليه كقوله :
٧٤٥ ـ وقد أدركتني ـ والحوادث جمّة |
|
أسنّة قوم لا ضعاف ولا عزل (٥) |
أو بين شرط وجزاء ، أو قسم وجوابه ، مما بينها تلازم ما ، وهذه الجملة قبلها كلام مستقل عما بعدها لا يقال : إن بين المشار إليه ، وبين الإخبار عنه تلازما ، لأن ما قبلها من مقول بني يعقوب ، وما بعدها من كلام الله تعالى ، أخبر بها عنهم ، والجملة الاعتراضية إنما تكون من المناطق بالمتلازمين لتوكيد كلامه. انتهى ملخصا ، وقال ابن عطية : ونحن له مسلمون ابتداء وخبر ، أي : كذلك كنا ونحن نكون.
قال الشيخ (٦) : يظهر منه أنه جعل هذه الجملة عطفا على جملة محذوفة ولا حاجة إليه.
__________________
(١) انظر البحر المحيط (١ / ٤٠٣).
(٢) البحر المحيط (١ / ٤٠٣).
(٣) البيت في همع الهوامع (١ / ٨٨) ، الدرر (١ / ٦٥).
(٤) البيت لجرير انظر ديوانه (٣٢٥) ، المغني (٢ / ٣٩١) ، الخصائص (١ / ٣٣٦) ، الهمع (١ / ٨٨) ، الدرر (١ / ٦٥).
(٥) البيت لجويرية بن زيد انظر الخصائص (١ / ٣٣١) ، الهمع (١ / ٢٤٨) ، أمالي ابن الشجري (١ / ٢١٥) ، الدرر (١ / ٢٠٥).
(٦) البحر المحيط (١ / ٤٠٤).