أحدها : أنها تبعيضية وهذا هو الظاهر.
الثاني : أنها بمعنى في.
الثالث : أنها زائدة على قول الأخفش وليسا بشيء. والمقام هنا مكان القيام ، وهو يصلح للزمان والمصدر أيضا وأصله : «مقوم» فأعل بنقل حركة الواو إلى الساكن قبلها ، وقلبها ألفا ويعبر به عن الجماعة مجازا كما يعبر عنهم بالمجلس قال زهير :
٧١٨ ـ وفيهم مقامات حسان وجوههم |
|
وأندية ينتابها القول والفعل (١) |
قوله : (مُصَلًّى) مفعول «اتخذوا» ، وهو هنا اسم مكان أيضا ، وجاء في التفسير بمعنى قبله ، وقيل : هو مصدر ، فلا بد من حذف مضاف أي : مكان صلاة وألفه منقلبة عن واو ، والأصل : «مصلو» ، لأن الصلاة من ذوات الواو كما تقدم أول الكتاب.
قوله : (وَإِسْماعِيلَ) إسماعيل علم أعجمي ، وفيه لغتان : اللام والنون وعليه قول الشاعر :
٧١٩ ـ قال جواري الحيّ لمّا جينا |
|
هذا وربّ البيت إسماعينا (٢) |
ويجمع على : سماعلة وسماعيل وأساميع ، ومن أغرب ما نقل في التسمية به أن إبراهيم عليهالسلام لما دعا الله أن يرزقه ولدا كان يقول : اسمع إيل اسمع إيل ، وإيل هو الله تعالى ، فسمّى ولده بذلك.
قوله : (أَنْ طَهِّرا) يجوز في «أن» وجهان :
أحدهما أنها تفسيرية لجملة قوله : عهدنا ، فإنه يتضمن معنى القول لأنه بمعنى أمرنا ، أو وصينا فهي بمنزلة «أي» التي للتفسير ، وشرط «أن» التفسيرية أن تقع بعد ما هو بمعنى القول لا حروفه ، وقال أبو البقاء : والمفسرة تقع بعد القول وما كان في معناه ، وقد غلط في ذلك ، وعلى هذا فلا محل لها من الإعراب.
والثاني : أن تكون مصدرية وخرجت عن نظائرها في جواز وصلها بالجملة الأمرية قالوا : «كتبت إليهم بأن قم» وفيها بحث ليس هذا موضعه ، والأصل : بأن طهرا ثم حذفت الياء فيجيء فيها الخلاف المشهور من كونها في محل نصب أو خفض. و «بيتي» مفعول به أضيف إليه تعالى تشريفا ، والطائف اسم فاعل من طاف ويطوف ، ويقال : أطاف رباعيا قال :
٧٢٠ ـ أطافت به جيلان عند قطاعه |
|
............... (٣) |
وهذا من باب فعل وأفعل بمعنى ، والعكوف لغة : اللزوم واللّبث قال :
٧٢١ ـ ............... |
|
عليه الطّير ترقبه عكوفا (٤) |
__________________
(١) البيت لزهير ديوانه (١١٣) ، والقرطبي (٢ / ١١٢).
(٢) البيت من شواهد البحر (١ / ٣٧٣).
(٣) صدر بيت لامرئ القيس وعجزه :
٧٢٠ ـ تردد فيه العين حتى تحيرا |
|
............... |
انظر ديوانه (٦١).
(٤) عجز بيت للمرار الأسدي وصدره :
أنا ابن التارك البكري بشر |
|
............... |
وهو من شواهد الكتاب (١ / ١٨٢) ، الخزانة (٢ / ١٩٣) ، شرح المفصل لابن يعيش (٣ / ٧٢).