وهل معناه من ثاب يثوب أي : رجع ، أو من الثواب الذي هو الجزاء؟ قولان :
أظهرهما أولهما ، وقرأ الأعمش وطلحة : «مثابات» جمعا ، ووجهه أنه مثابة لكل واحد من الناس.
قوله : (لِلنَّاسِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلق بمحذوف ، لأنه صفة لمثابة ، ومحله النصب.
والثاني : أنه متعلق بجعل ، أي : لأجل الناس ، يعني مناسكهم.
قوله : «وأمنا» فيه وجهان أحدهما : أنه عطف على مثابة ، وفيه التأويلات المشهورة : إما المبالغة في جعله نفس المصدر ، وإما على حذف مضاف أي : ذا أمن وإما على وقوع المصدر موقع اسم الفاعل ، أي : أمنا على سبيل المجاز كقوله : (حَرَماً آمِناً)(١).
والثاني أنه معمول لفعل محذوف تقديره : وإذ جعلنا البيت مثابة فاجعلوه آمنا لا يتعدى فيه أحد على أحد. والمعنى : أن الله جعل البيت محترما بحكمة ، وربما يؤيد هذا بقراءة : «اتخذوا» على الأمر فعلى هذا يكون و «أمنا» وما عمل فيه من باب عطف الجمل عطفت جملة أمرية على خبرية ، وعلى الأول يكون من عطف المفردات.
قوله : (وَاتَّخِذُوا) قرأ نافع وابن عامر : «واتخذوا» فعلا ماضيا على لفظ الخبر ، والباقون على لفظ الأمر ، فأما قراءة الخبر ففيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه معطوف على «جعلنا» المخفوض ب «إذ» تقديرا ، فيكون الكلام جملة واحدة.
الثاني : أنه معطوف على مجموع قوله : «وإذ جعلنا» ، فيحتاج إلى تقدير «إذ» أي : وإذ اتخذوا ، ويكون الكلام جملتين.
الثالث : ذكره أبو البقاء أن يكون معطوفا على محذوف تقديره : فثابوا واتخذوا.
وأما قراءة الأمر ففيها أربعة أوجه :
أحدها : أنها عطف على «اذكروا» إذا قيل بأن الخطاب هنا لبني إسرائيل ، أي : اذكروا نعمتي واتخذوا.
الثاني : أنها عطف على الأمر الذي تضمنه قوله : «مثابة» كأنه قال : ثوبوا واتخذوا ، ذكر هذين الوجهين المهدوي.
الثالث : أنه معمول لقول محذوف أي : وقلنا اتخذوا إن قيل بأن الخطاب لإبراهيم وذريته ، أو لمحمد عليهالسلام وأمته.
الرابع : أن يكون مستأنفا ذكره أبو البقاء.
قوله : (مِنْ مَقامِ) في «من» ثلاثة أوجه :
__________________
(١) سورة العنكبوت ، آية (٦٧).