فَضْلُ اللهِ)(١) ، ويكونان حرفي تحضيض بمنزلة : «هلا» فيختصان بالأفعال ظاهرة ، أو مضمرة كقوله :
٧٠٦ تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم |
|
بني ضوطري لو لا الكميّ المقنّعا (٢) |
أي : لو لا تعدون الكمي فإن ورد ما يوهم وقوع الاسم بعد حرف التحضيض يؤول كقوله :
٧٠٧ ـ ونبّئت ليلى أرسلت بشفاعة |
|
إليّ فهلّا نفس ليلى شفيعها (٣) |
ف «نفس ليلى» مرفوع بفعل محذوف يفسره شفيعها ، أي : فهلا شفعت نفس ليلى ، وقال أبو البقاء : إذا وقع بعدها المستقبل كانت للتحضيض ، وإن وقع «بعدها» الماضي كانت للتوبيخ ، وهذا شيء يقوله علماء البيان ، وهذه الجملة التحضيضية في محل نصب بالقول.
قوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ) قد تقدم الكلام على نظيره (٤) فليطلب هناك ، وقرأ أبو حيوة وابن أبي إسحاق : «تشابهت» بتشديد الشين ، قال الداني : «وذلك غير جائز ، لأنه فعل ماض» يعني أن التاءين المزيدتين إنما تجيئان في المضارع فتدغم ، أما الماضي فلا.
قوله تعالى : (بِالْحَقِّ) : يجوز ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون مفعولا به ، أي : بسبب إقامة الحق.
الثاني : أن يكون حالا من المفعول في «أرسلناك». أي : أرسلناك ملتبسا بالحق.
الثالث : أن يكون حالا من الفاعل. أي : ملتبسين في الحق ، قوله : «بشيرا ونذيرا» يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون حالا من المفعول ، وهو الظاهر.
الثاني : أن يكون حالا من الحق ، لأنه يوصف أيضا بالبشارة والنذارة ، وبشير ونذير على صيغة فعيل ، أما بشير فتقول هو من بشير مخففا ، لأنه مسموع فيه ، وفعيل مطرد من الثلاثي ، وأما «نذير» فمن الرباعي ، ولا ينقاس عدل مفعل إلى فعيل ، إلا أن له هنا محسنا.
قوله : (وَلا تُسْئَلُ) قرأ الجمهور : «تسأل» مبنيا للمفعول مع رفع الفعل على النفي ، وقرئ شاذا : «تسأل» مبنيا للفاعل مرفوعا أيضا ، وفي هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أنه حال فيكون معطوفا على الحال قبلها ، كأنه قيل : بشيرا أو نذيرا وغير مسؤول.
والثاني : أن تكون مستأنفة ، وقرأ نافع : «تسأل» على النهي ، وهذا مستأنف فقط ، ولا يجوز أن تكون حالا ،
__________________
(١) سورة البقرة ، آية (٦٤).
(٢) البيت لجرير انظر ديوانه (٤١٠) ، والأزهية (١٧٧) ، والخصائص (٢ / ٤٥) ، شرح المفصل لابن يعيش (٢ / ٣٨) ، ابن الشجري (١ / ٢٧٩) ، المغني (١ / ٢١٤) ، رصف المباني (٢٩٣) ، شواهد المغني (٦٦٩) ، مجاز القرآن (١ / ٥٢) ، تأويل المشكل (٥٤٠) ، الهمع (١ / ١٤٨) ، الأشموني (٤ / ٥١) ، الدرر (١ / ١٣٠) ، شرح الحماسة للمرزوقي (٣ / ٢٢١) ، الصاجي (٢٥٣) ، البحر (٥ / ١٩٢) ، اللسان والتاج ضطر شرح شواهد المغني (٢٢٩) ، مجمع البيان (١ / ١٩٥) ، الكامل (١ / ١٦٣).
(٣) البيت لقيس بن الملوح انظر الخزانة (١ / ٤٦٣) ، العيني (٣ / ٤١٦) ، التصريح (٢ / ٤١) ، الأشموني (٢ / ٢٥٩) ، الهمع (٢ / ٦٧) ، الدرر (٢ / ٨٣).
(٤) سورة البقرة ، آية (١١٣).